منزل جورج أورويل قد يتحول إلى متحف في الهند
- سهيل حليم
- بي بي سي
يعد جورج أورويل أحد أشهر الكتاب البريطانيين في القرن العشرين، كما هناك محاولات للربط بينه وبين بلدة في شمال شرقي الهند، ولد بها وسوف يتحول منزله إلى متحف.
في هذا المكان توجد حيوانات في إحدى المزارع، كما أن الباب الحديدي لتلك المزرعة مفتوح على مصراعيه كأن الحيوانات المتمردة نسيت غلقه بعد أن خرجت تلاحق أصحابها بعيدا. يكثر وجود الخنازير في المكان، ويقف اثنان من الخيول، هرم جسدهما مع مرور الزمن، في أحد أركان المزرعة وهي تهش بأذيالها الذباب، فضلا عن وجود حيوانات أخرى أمثال البقر والماعز والأغنام والدجاج. في هذا المكان قضى أورويل عامه الأول قبل أن ينتقل مع أمه إلى بلدة هينلي على نهر التيمز في بريطانيا. وعلى مقربة من المنزل الذي عاشت فيه الأسرة مازالت توجد بقايا مخزن كان يستخدم في تخزين الأفيون. كانت البلاد في ذلك الوقت تهتم بزراعة نبات الخشخاش، وكان والد أورويل يعمل في إدارة الأفيون التابعة للحكومة البريطانية، إذ كانت مهمته مراقبة إنتاج العقّار وتخزينه قبل تصديره إلى الصين.
منزل الذكريات
وبعد مرور أكثر من قرن على مغادرة أورويل، تتخذ خطوات لتحويل المنزل المتهدم الذي يعود لحقبة الاستعمار إلى متحف. فالأسر الأربعة التي عاشت به تواجه الطرد بلا شفقة ، وهي خطوة من الصعب تصور أن أورويل كان من الممكن أن يوافق عليها. من بين هذه الأسر أديتيا أبهيشيك، موظف حكومي، ووالدته وشقيقه الأصغر. لقد ولد أديتيا هنا قبل 29 عاما، ويقول وهو يبتسم “كان ذلك في أواخر عام 1984″. وقال لي :”أشارك جورج أورويل في ذلك، كلانا ولد في نفس المنزل، لكنه أصبح مشهورا، وأنا لا.”
وأضاف بنبرة حزن :”لدي الكثير من الذكريات التي تتعلق بهذا المنزل. لقد كبرت هنا، وأبواي تزوجا في هذا المنزل، ووالدي توفي هنا.” ونظرا لأن والد أبهيشيك كان مدرسا، فقد سكنت الأسرة في هذا المنزل لأنه كان من ممتلكات الحكومة المؤجرة للمدرسة.
وبعد أن تسلموا أمرا بإخلاء المنزل، بدأوا على عجل في بناء منزل صغير قريب منه، سينتقلون إليه قبل انتهاء أعمال البناء به. أحد السكان الأخرين هي أرملة تعمل مدرسة مساعدة في المدرسة، وتقول بعصبية باللغة النيبالية بعد أن ظنت خطأ أني أحد مسؤولي الحكومة :”سنغادر قريبا يا سيدي.” يقع المنزل في بلدة موتيهاري، عاصمة منطقة تشامباران الشرقية، القريبة من الحدود مع نيبال. هنا قاد غاندي في عام 1917 عصيانا مدنيا بين عمال نبات النيلة ، حيث كانوا يتعرضون لصنوف استغلال أرباب العمل خلال الحقبة الاستعمارية. كما تعتبر واحدة من المناطق الأقل تنمية في بيهار، أفقر الولايات الهندية. ونظرا لعدم معرفة الكثيرين باللغة الإنجليزية، فربما ليس من الغريب ألا يعرف أحد الكثير عن جورج أورويل. فمعظم من لديهم معرفة به يقولون إنه “كاتب انجليزي” عظيم، لكنهم يعترفون بأن ذلك هو حدود معرفتهم.
كاتب عظيم
لا توجد مكتبة تبيع أي شئ هنا سوى الكتب المدرسية والجامعية. فليس من السهل أن تحصل هنا على أي من كتب أورويل. لكن في أحد أفضل المؤسسات التعليمية في البلدة، تروي كلية مونشي سنغ قصة مختلفة. إذ يملك إقبال حسين، رئيس قسم اللغة الإنجليزية، بعض الصور الشخصية لكبار الكتاب الإنجليز التي يضعها على الحائط، من بينهم جورج أورويل الذي يحتل مكانا بارزا إلى يمين صورة الكاتب المسرحي وليام شكسبير. وبناء على طلبي، سأل حسين طلابه في الفصل الدراسي، حوالي 25 طالبا، إن كانوا قد سمعوا عن جورج أورويل. ورفع الكثير منهم أيديهم، وأشار أحدهم إلى روايتي “مزرعة الحيوانات” و “1984”، غير أن مونيكا، وهي طالبة في علم الحيوان، قالت :”ولد أورويل في موتيهاري عام 1903″ وتابعت حديثها على مدار 45 ثانية تتحدث باختصار عن حياة أورويل وعصره وعن أحسن أعماله، وانتابني شعور بالإعجاب كبقية الفصل. وقال حسين :”كبار الكتاب في كل مكان وفي جميع العصور، لذا من الصواب بناء متحف. ذلك سيعطي اللغة الإنجليزية دفعة هنا. أورويل هندي مثلما هو بريطاني. كان يعارض بشدة الأفكار الاستعمارية. وارتباط موتيهاري بأورويل سيضعها على الخارطة العالمية.” وعلى الرغم من ذلك يخالجه الشك في أن يصبح المتحف مركزا للبحث العلمي كما يتوقع البعض.
ويقول ديبريبيا موخيرجي، أحد تجار الملابس الذين يدعمون المشروع :”يضطر الطلبة إلى السفر إلى لندن لإعداد بحوث علمية عن أورويل، لكن مع تطوير المتحف، يمكنهم إعداد أبحاثهم في مسقط رأسه.” ويتواصل هو وأصدقاؤه مع ريتشارد بلير، نجل أورويل، الذي يساعدهم في الحصول على نسخ من مجموعة المخطوطات الأصلية وتسجيلات صوتية وصور بحوزة أرشيف جورج أورويل بجامعة كوليدج لندن. وتعتزم حكومة بيهار إنفاق 150 ألف دولار على المشروع. ووضعت جدران فاصلة بالفعل حول المقر الذي يقع فيه المنزل، حيث أعيد ترميمها كما استبدلت الأسقف التالفة باستخدام المواد الأصلية قدر الإمكان. وقال موخيرجي :”نحن محظوظون بأن كاتبا مثل جورج أورويل ولد هنا. لذا من واجبنا الحفاظ على هذا المنزل.”