القاهرة، مصر (CNN)– رفع البنك الدولي من توقعاته لنمو الاقتصاد المصري ليصل إلى 5.5% خلال العام المالي الجاري 2021/2022، مرجعًا تفاؤله إلى تحسن معدلات التصدير، بجانب التوسع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وقطاعات استخراج الغاز، وتحسن أداء قطاع السياحة، واتفق خبراء اقتصاد مع توقعات البنك الدولي، وربطوا تحقيق ذلك بانتهاء جائحة فيروس كورونا المستجد عالميًا، وعدم تأثر مصر بموجة التضخم العالمي مع استمرار جهود الحكومة المصرية في زيادة الاستثمارات العامة.
وأصدر البنك الدولي تقرير بعنوان “آفاق الاقتصاد العالمية”، والذي أشار فيه إلى أن الاقتصاد المصري شهد نموًا بمعدل أسرع مما كان متوقعًا خلال العام المالي الماضي 2020/ 2021، بفضل قوة الاستهلاك، وارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، فضلاً عن احتواء الضغوط التضخمية، وهو ما دفعه إلى زيادة توقعاته بنمو الاقتصاد المصري ليصل إلى (5.5%) خلال العام المالي 2021/ 2022.
يرى الدكتور مصطفى بدرة أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، أن توقعات البنك الدولي لمعدل النمو الاقتصادي في مصر تتفق مع ما أظهرته مؤشرات الاقتصاد الكلي منذ بداية العام المالي الجاري من تحسن على مستوى عدد من المؤشرات، كما تأتي انعكاسًا لجهود الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية في زيادة الاستثمارات العامة لتحقيق التنمية المستدامة، والاهتمام بقطاع النقل والبنية التحتية واللوجستية، مما ساهم في جذب استثمارات أجنبية مباشرة من الخارج.
وتخصص مصر 358.1 مليار جنيه (22.8 مليار دولار) استثمارات عامة خلال العام المالي الجاري 2021/2022 بمعدل نمو سنوي 27.6%، وذلك لتلبية الاحتياجات التنموية للمواطنين، وبما يُساعد في الإسراع بتنفيذ مستهدفات «رؤية مصر 2030»؛ من أجل إرساء دعائم التنمية الشاملة والمستدامة، بحسب وزارة المالية المصرية.
وربط بدرة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، تحقيق مصر معدل النمو المتوقع من البنك الدولي، بثلاث عوامل رئيسية وهي أولًا انتهاء جائحة فيروس كورونا المستجد عالميًا مما يؤثر على تحسن الاقتصاد العالمي وينعكس الأمر على الاقتصاد المصري، ثانيًا عدم تأثر مصر بموجة التضخم العالمي؛ لأن استمرار ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية عالميًا قد يؤدي إلى زيادة الأسعار في مصر مما ينعكس على معدلات التضخم محليًا، ثالثًا استمرار خطة الحكومة في تنشيط الإنتاج الصناعي خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوطين الصناعة المحلية مما يؤدي إلى زيادة الناتج القومي وتشغيل المزيد من العمالة، مشيرًا إلى إشادة البنك الدولي بنجاح مصر في تحقيق تقدم في عدد من الصناعات أبرزها البتروكيماويات والملابس والصناعات التحويلية.
أضاف مصطفى بدرة، أن الحكومة المصرية عملت خلال الفترة الماضية على تهيئة مناخ الاستثمار وتشجيع زيادة الإنتاج الصناعي من خلال ضخ استثمارات ضخمة في إنشاء طرق ومحاور جديدة ومجمعات صناعية، ويتبقى خلال الفترة المقبلة نجاح الحكومة في خطتها لتوطين عددًا من الصناعات مثل صناعة السيارات، والتي يسهم توطينها في تحقيق نتائج إيجابية على مستوى التصنيع وخفض فاتورة الواردات وزيادة الصادرات المحلية، وكذلك قطاع صناعة الأسمدة والصناعات التحويلية، مشيرًا إلى أن زيادة الإنتاج الصناعي والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة يسهم في تحقيق مستهدفات مصر في الوصول بحجم الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار سنويًا.
وحققت مصر أعلى صادرات في تاريخها العام الماضي بإجمالي تجاوز 31 مليار دولار، وتستهدف الحكومة الوصول إلى حجم الصادرات المصرية إلى 60 مليار دولار بحلول عام 2025، وذلك في إطار توجهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيادة الصادرات المصرية إلى مستوى 100 مليار دولار.
من جانبه قال الخبير الاقتصاد الدكتور عبد المنعم السيد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن توقعات البنك الدولي بنمو الاقتصاد المصري بنسبة 5.5% خلال العام المالي الجاري تتفق مع توقعات مؤسسات دولية أخرى مثل صندوق النقد على معاودة مصر تحقيق مسار تصاعدي لمعدل النمو، وذلك بفضل مؤشرات اقتصادية عدة أبرزها استمرار ارتفاع حجم الاحتياطي النقدي المصري ليتجاوز 40 مليار دولار مما يكفي لتغطية المخزون من السلع الاستراتيجية لمصر لمدة 8 شهور، بالإضافة إلى زيادة مساهمة القطاع الصناعي إلى 18% من الناتج المحلي الإجمالي.
وارتفع صافي الاحتياطيات الأجنبية في مصر إلى 40.935 مليار دولار في نهاية شهر ديسمبر 2021، مقارنة بـ40.909 مليار دولار في نهاية شهر نوفمبر 2021، بارتفاع قدره نحو 26 مليون دولار، بحسب بيانات البنك المركزي.
واتفق السيد، ما ذكره مصطفى بدرة، حول أن موجة التضخم العالمية هي إحدى أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية اتخذت إجراءات عدة خلال الفترة الماضية لمواجهة تبعات هذه الموجة على رأسها زيادة الاعتماد على المنتجات المحلية، وتأمين مخزون السلع الاستراتيجية لفترة طويلة مما قلل من تبعات موجة التضخم العالمية على الأسعار في مصر.
وأشار عبد المنعم السيد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أهم تحديات الاقتصاد المصري وهي جذب استثمارات أجنبية مباشرة، في ظل تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية على مستوى العالم خلال العام الماضي، لافتًا إلى ضرورة تبني الدولة المصرية خطة لزيادة نصيبها من الاستثمارات الأجنبية من خلال التسويق الجيد للفرص الاستثمارية داخل مصر، وتقليل الأعباء على المستثمر بشكل كبير، توفير الأراضي الصناعية وسرعة إصدار، وهذه العوامل تساعد في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية.