القاهرة، مصر (CNN)– ارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 6.5% خلال شهر ديسمبر الماضي مقارنة بنسبة 6% لنفس الشهر من العام السابق، وأرجع خبراء هذه الزيادة إلى 3 أسباب وهم أولًا سنة الأساس، إذ انخفض معدل التضخم خلال الشهر ذاته من العام الماضي بنسبة كبيرة، ثانيًا ارتفاع موجة التضخم العالمية التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية المستوردة من الخارج، ثالثًا القرارات الحكومية المتعلقة بتحريك أسعار دعم السلع التموينية، غير أنهم استبعدوا مع هذه الزيادة أي تأثير على أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي المقبل.
وذكر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء-وهو الجهاز الرسمي المعني بجمع ومعالجة وتحليل ونشر كل البيانات الاحصائية والتعدادات- أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية بلغ 117.8 نقطة لشهر ديسمبر 2021، مسجلاً بذلك انخفاضاً قدره -0.2% عن شهر نوفمبر 2021، فيما ارتفع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية إلى 6.5% لشهر ديسمبر.
وعزا أحمد حافظ رئيس وحدة بحوث الشرق الأوسط ببنك الاستثمار رينيسانس كابيتال، سبب ارتفاع معدل التضخم السنوي في مصر خلال شهر ديسمبر 2021 إلى الانخفاض الكبير الذي شهده مؤشر التضخم خلال ذات الشهر عام 2020، مشيرًا في الوقت نفسه إلى تراجع معدل التضخم الشهري، والذي جاء بنسبة أقل من المتوقع بنحو 0.1%، مما يشير إلى عدم وجود ضغوط تضخمية كبرى.
وبحسب جهاز الإحصاء، جاء تراجع التضخم الشهري في مصر إلى انخفاض أسعار مجموعة الخضروات بنسبة (-8.2%)، مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة (-1.4%)، مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة (-1.2%)، فيما ارتفعت أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة (0.9%)، مجموعة الفاكهة بنسبة (0.9%)، مجموعة الزيوت والدهون بنسبة (0.6%)، مجموعة الملابس الجاهزة بنسبة (0.7%)، مجموعة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة (1.4%).
واستبعد حافظ، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، تأثير ارتفاع معدل التضخم السنوي على أسعار الفائدة في أول اجتماع للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، متوقعًا ثبات أسعار الفائدة خلال فترة النصف الأول من العام الجاري، مبررًا وجهة نظره لعدم وجود أسباب تدفع البنك المركزي لزيادة سعر الفائدة، في ظل وجود معدل التضخم في الإطار المستهدف.
وحدد البنك المركزي المصري، جدول اجتماعات لجنة السياسة النقدية خلال عام 2022، وتنعقد اللجنة 8 مرات على مدار العام لبحث أسعار الفائدة، ويبدأ أول اجتماع يوم 3 فبراير المقبل، وفقًا للموقع الرسمي للبنك المركزي.
أشار أحمد حافظ، إلى أسباب استقرار معدل التضخم في مصر رغم موجة التضخم العالمية، نتيجة إنفاق الحكومة المصرية استثمارات ضخمة في بعض القطاعات مما ساهم في استقرار معدل التضخم، وأبرزها قطاع الزراعة، مما ساهم في زيادة المعروض في السوق المحلي من خلال زيادة الإنتاج الزراعي، منوهًا في هذا الصدد إلى استحواذ الاستثمارات في قطاع الزراعة على نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاث سنوات الماضية، وهي نسبة تصل إلى ضعف ما تم الإنفاق عليه على نفس القطاع خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى الاستثمار في قطاع النقل واللوجستيات والتخزين مما أدى إلى تخفيض تكلفة النقل وتقليل الهادر من التخزين وهو ما ساعد في احتواء موجة التضخمية العالمية الحالية.
وتنفذ مصر مشروعات ضخمة لزيادة الإنتاج الزراعي منها مشروع الدلتا الجديدة بمساحة تزيد عن 2.2 مليون فدان باستثمارات تصل إلى أكثر من 300 مليار جنيه، ويضيف المشروع 30% مساحة منزرعة جديدة لمصر تستغل لتحقيق الأمن الغذائي.
من جانبها ترى منى بدير، محلل الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار برايم، أن ارتفاع معدل التضخم السنوي خلال شهر ديسمبر كان متوقعًا؛ متأثرًا بسنة الأساس والذي جاء منخفضًا بشكل كبير خلال نفس الشهر من العام السابق، متوقعة أن يمتد تأثير سنة الأساس حتى الربع الأول من العام الجاري على أن يتراوح معدل التضخم بين 6-7% خلال الربع الأول من 2022.
أضافت بدير، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن ارتفاع معدل التضخم السنوي سببه موجة التضخم العالمية مما أدت إلى زيادة أسعار السلع الغذائية عالميًا مثل السكر والقمح والأجبان، وكذلك أثر تحرك أسعار السلع التموينية ورفع أسعار أنابيب البوتاجاز على معدل التضخم.
وحول تأثير التضخم على أسعار الفائدة، توقعت منى بدير، استقرار أسعار الفائدة بشكل كبير خلال الربع الأول من العام الجاري، مضيفةً: “هناك مساحة أمام البنك المركزي بعدم تغيير سعر الفائدة والمحافظة على المسار الحالي، خاصة وأن معدل التضخم مازال ضمن مستهدف البنك المركزي، ولم يتخط المعدل المستوى المستهدف7%.”
غير أنها رجحت زيادة أسعار الفائدة في الربع الثاني أو بعد النصف الثاني من عام 2022، مدفوعة بمحاولة البنك المركزي المصري لاتخاذ خطوات استباقية للسيطرة على معدلات التضخم، واتجاه البنك الفيدرالي الأمريكي لرفع أسعار الفائدة في النصف الأول من عام 2022، مما ينعكس على تدفقات الأجانب في أدوات الدين المحلية وشهية الاستثمار في أصول الأسواق الناشئة، مما يمكنه التسبب في بعض الضغوط على سعر الصرف، وسيكون البديل لدى البنك المركزي رفع أسعار الفائدة لكي يقلل من الضغوط على سعر الصرف.