صاحب كتاب صنعاء يرحل ، وداعاً عبد العزيز المقالح

صاحب كتاب صنعاء يرحل ، وداعاً عبد العزيز المقالح


بقلم : الشاعر شوقي بديع

ليس رحيل عبد العزيز المقالح شأناً من شؤون البلاغة لكي تبحث اللغة عما يليق بهذا الحدث من أدبيات المناسبة ونصوص الرثاء المألوف . وهو  ليس مجرد حدث عابر ، يقوم فيه المثقفون مجتمعين بواجب العزاء  ، ثم يزاولون حياتهم اليومية ،  بانتظار ” الطريدة ” التالية التي سيقع عليها اختيار الموت . بل هو في المقام الأول رحيل شخصي ، يمس كل صديق له بمفرده ، ويثلم قلبه في الصميم . ليس لما يمثله المقالح من شاعرية مرهفة ولصيقة بالحياة فحسب ، بل لأن كل واحد منا خسر بفقدانه فلذة من كبده ، وقبساً من روحه ، وظهيراً له في الشدائد .
منذ ثمانينات القرن الفائت شرّع عبد العزيز المقالح أبواب بلاده على  المعرفة والفن وثقافة التنوير ، ووسع مساحتها الى أربع رياح الأرض ، وأنزلنا في شغاف قلبه ، قبل ” مقيله ” الآهل باللطف وكرم الضيافة . وكان فيه من العذوبة ما لا قِبَل للينابيع بامتلاكه ، ومن الحدب ما لا تملك الأمهات أن تجاريه . 
كان يمكن لصاحب ” كتاب صنعاء ” أن يصمد أكثر أمام هجمة الموت ، لو لم تثلم قلبه خناجر أهله المتقاتلين بلا هوادة على ساحة العصبيات الضيقة والأطماع المحلية والدولية  ، ولو لم تتفكك أمام عينيه أوصال وطنه المقهور ، وتتراشق جباله بصواريخ الآلهة ومسيّرات الأنبياء . لكن الشاعر الذي لم يعد يسعفه جسده وقصيدته ، أطبق عينيه في اللحظة المناسبة على جرح اليمن الذي لم يبرأ ، وعلى أحلامها التي لم تجد سبيلها الى التحقق .
وداعاً يا انبل الشعراء وأكثرهم وداعة وفروسية وقدرة على الحب . وداعاً عبد العزيز المقالح .

 قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

“أدبيات القاسمي” ثقافية عربية أوسع حضورًا في المحافل الدولية والإنسانية

طبعة جديدة من كتاب “أدبيات اللغة العربية” عن “قصور الثقافة”

egypttoday
egypttoday





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *