«زي النهارده».. وفاة القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل قارئ الملوك والرؤساء والفقراء 26 ديسمبر 1978
يعد القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل واحدًا من القامات في تاريخ التلاوة المصرية، واكتسب طوال مسيرته أكثر من لقب، منها «مغرد السماء»،”قارئ الملوك والرؤساء”و”عبقري التلاوة”و”ملك المقامات القرآنية”، و«صاحب الحنجرة الذهبية»، واختاره الملك فاروق قارئًا للقصر الملكي، وكرمه الزعيم جمال عبدالناصر، واصطحبه معه الرئيس أنور السادات في زيارته للقدس.وهومن مواليد قرية ميت غزال، بمركز السنطة ، بالغربية، في 17 يونيو 1905م.
حفظ القرآن الكريم قبل أن يتجاوز الثانية عشرة من عمره في كتّاب القرية، ثم التحق بالمعهد الأحمدى في طنطا ليتم دراسة القرءات وأحكام التلاوة، وأتم تلاوة وتجويد القرآن الكريم، وراجعه ثلاثين مرة على يد الشيخ إدريس فاخر منذ أن اكتشف جد الراحل مصطفى إسماعيل براعته في تلاوة القرآن، حينما كان يبلغ من العمر 10 أعوام، فقدم له في المعهد الأزهرى بطنطا.
قام بحفظ القرآن الكريم كاملا بالأحكام، وكان يقوم بتلاوة القرآن في مسجد السيد البدوى بناء على طلب أصدقائه، وذات مرة سمعه شيخ أثناء تلاوته بالمسجد،وهذا الشيخ هو من نصح مصطفى إسماعيل باستمرار التدريب على قراءة القرآن، قائلًا: “أنت هتكون قارئ كويس جدا” وكان ابن محافظ طنطا، طلب من الشيخ مصطفى إسماعيل أن يقوم بتلاوة القرآن في عزاء والده، وذلك رغم صغر سنه، بعدما تأكد من امتلاكه «عباءة وقفطان».
وروى أن الشيخ محمد رفعت قد ذهب لتأدية واجب العزاء وسمع التلاوة المحكمة بصوت هذا الصبى الصغير، فطلب رؤية هذا الطفل. ومما يذكر أيضا أن الشيخ الصبى حين علم بحضور الشيخ رفعت للعزاء هيأ نفسه لإنهاء تلاوته، غير أن الشيخ رفعت علم بهذا فقام بإرسال شيخ إليه يطلب منه مواصلة التلاوة لأنه يريد الاستماع إليه. وكانت تلاوته تتميز بالانتقال بين المقامات، وكانت لحظة التحول في حياته حين نقلت له الإذاعة تلاوته لأول مرة في إبريل 1943 من سرادق ضخم أقيم بجوار مسجد الرفاعى احتفالا بذكرى وفاة الملك فؤاد، وبعدها أصبح واحدا ممن يستعين بهم القصر الملكى في إحياء الليالى الرمضانية التي أقامها في سرادق أقيم أمام قصر رأس التين بالإسكندرية عامى 1945 و1946، ثم أمام قصر عابدين عام 1947، المدهش- ووفقا لكمال النجمى- أنه تعرض لهجوم حيث قدم أحدهم بلاغا ضده متهما إياه بالخروج على «أسس التلاوة الشرعية”
كان الشيخ إسماعيل من المعجبين والمتأثرين بصوت الشيخ محمد رفعت، والشيخ عبدالفتاح الشعشاعى وغيرهما، وقد ذاعت شهرته في محافظة الغربية والمحافظات المجاورة، لينصحه الجميع بالذهاب إلى القاهرة، وفى العاصمة التقى بأحد المشايخ الذي استمع إليه واستحسن قراءته، ثم قدّمه في اليوم التالى ليقرأ في احتفال تغيب عنه الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى لظرف طارئ، أعجب به الحاضرون، كما سمعه الملك فاروق وأعجب بصوته وأمر بتعيينه قارئًا للقصر الملكى، على الرغم من أنه لم يكن قد اُعتُمدَ بالإذاعة حتى ذلك الوقت.
كان الشيخ مصطفى كما يقول كمال النجمى يملك صوتًا فذًا واسع المساحة كبير الحجم، وكانت له حصيلة من العلم بالمقامات لا مثيل لها عند أحد من المقرئين بمن فيهم الشيخ رفعت، ولكن الشيخ مصطفى كان يستخدم صوته وعلمه بالمقامات في إبراز جمال الآيات وإعجازها، وكان يخرج كل حرف من مخرجه الأصلى فلا يشبه حرفا آخر، معتنيًا كل الاعتناء بإظهار التشديدات وتوفية الغُنّات وإتمام الحركات وتفخيم ما يجب تفخيمه، وقصر ما يجب قصره ومد ما يتعين مده، والوقوف على ما يصح الوقوف عليه، وهى الوقفات المتعلقة بالمعنى لا على ما يختاره من وقفات تتعلق بصحة الألحان وجمالها، أكثر مما تتعلق بالمعانى وبصحة التلاوة وكمالها.
زار الشيخ مصطفى إسماعيل أكثر من عشرين دولة عربية وإسلامية، حيث قام بالقراءة في ليالى شهر رمضان المعظّم، ووصلت تلاوات القرآن الكريم للشيخ مصطفى إسماعيل لجميع أنحاء العالم، وامتدت جولاته إلى ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وجزيرة سيلان، وتركيا وماليزيا، وتنزانيا. حصل الشيخ مصطفى إسماعيل على وسام الاستحقاق من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وعلى وسام الأرز من لبنان عام 1958، ووسام الفنون عام 1965، ووسام الامتياز عام 1985 في مصر، ووسام الاستحقاق من سوريا.
كان مصطفى إسماعيل متمكنا من الألحان والأنغام إلى حد لم يضاهه أحد فيه، وكان يتلاعب في الألحان والأنغام. وكانت التلاوة الأخيرة للشيخ مصطفى إسماعيل في يوم 22 ديسمبر 1978، في مسجد «البحر» بدمياط بحضور الرئيس السادات، ثم توجه إلى مسكنه الصيفى بالإسكندرية، وفجأة أصابته جلطة بالمخ، فانتقل إلى المستشفى الجامعى بالإسكندرية، يوم 24 ديسمبر 197، وتوفى ” زي النهارده” في 26 ديسمبر، 1978، ودفن في قريته «ميت غزال» مركز السنطة، محافظة الغربية.
مما يذكرأن الملك فاروق في 1944أصدر فرمانا ملكيا بتعيين الشيخ مصطفى إسماعيل قارئًا للقصر الملكى كما كان على علاقة طيبة بكوكب الشرق أم كلثوم، والموسيقار محمد عبدالوهاب، والمحلن رياض السنباطى وقد حصل الشيخ مصطفى إسماعيل على وسام الجمهوريةمن جمال عبدالناصرعام 1962ووسام الاستحقاق أيضا من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، خلال احتفالية عيد العلم في 19 ديسمبر 1965، كما تم تكريمه من عدة دول وقد زار القدس في1960وقرأ القرآن الكريم بالمسجد الأقصى بإحدى ليالى الإسراء والمعراج
وكان الرئيس الراحل أنور السادات من المعجبين بصوته،حتى إنه كان يقلد طريقته في التلاوة، واختاره ضمن الوفد الرسمى أثناء زيارته للقدس، وقد قرأ الشيخ مصطفى إسماعيل في العديد من الدول العربية والإسلامية والأوروبية، حيث زار 25 دولة عربية وإسلامية. طاف بلاد العالم قارئا للقرآن، وحصل على أعلى الأوسمة من لبنان وسوريا ودول آسيوية.