ذاكرة الكتب.. الصراع الإسرائيلى الإيرانى وتداعياته المستقبلية على المنطقة والعالم
فى خضم هذا التوتر الشديد والتصعيد الخطير بين إسرائيل وإيران بعد اغتيال زعيم حركة حماس اسماعيل هنية فى قلب طهران وتهديد إيران برد داخل العمق الإسرائيلى.. نحاول إلقاء الضوء على مسار هذا الصراع وبداياته وآثاره على المنطقة عن طريق عرض موجز لأهم النقاط التى وردت فى كتاب للباحث رامى عبدالحى حول الصراع الإسرائيلى الإيرانى وتداعياته المستقبلية.
ويبدأ الكاتب بسرد مسار العلاقات حيث أشار إلى أن العلاقات الإسرائيلية الإيرانية شهدت تحولات حادة منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية فى عام ١٩٧٩، وتحول نظام الحكم فى إيران من نظام علمانى شبه ديمقراطى موال للولايات المتحدة والغرب إلى نظام دينى تخضع فيه القيادة السياسية بشكل مباشر إلى رجال الدين، رغم السمت الديمقراطى العام المعلن للدولة، فضلا عن مناصبته العداء للولايات المتحدة والدول الغربية وبالإضافة إلى هذا التحول فى نظام الحكم فقد حدث تحول آخر مصاحب فى الخطاب السياسى الإيرانى تجاه إسرائيل من النظرة إليها كدولة حليفة تعتبر إيران من أوائل الدول التى اعترفت بها – سنة ١٩٥٠ تحديدا إلى دولة معادية ينبغى إبادتها، على نحو ما تشى بذلك التصريحات المتكررة للقادة الإيرانيين.
ورغم أن جذور البرنامج النووى الإيرانى تعود إلى ما قبل قيام الثورة الإسلامية فى إيران، وبمساعدة من الدول الغربية نفسها، إلا أن النظام الإسلامى فى إيران تبنى هذا البرنامج بعد الثورة، واعتبره نقطة ارتكاز للطموح الإيرانى على المستويات العسكرية والإقليمية والعلمية.
وتحدث الكاتب عن البرنامج النووى الإيرانى ودوره فى الصراع قائلًا: جعل هذا البرنامج يقع فى قلب الصراع بين إيران وإسرائيل من جهة، وإيران والدول الكبرى – وعلى رأسهم الولايات المتحدة من جهة أخرى؛ للسببين التاليين:
أولا: يمثل البرنامج النووى الإيرانى، واحتمالات تمكن إيران من تصنيع قنابل نووية تهديدا مباشرا لادعاء الحركة الصهيونية، منذ بداياتها المبكرة، بأن الدولة المزمع إقامتها فى أرض إسرائيل ستكون «ملاذا آمنا»، لن يتعرض فيه اليهود للخوف من التهديد بـ«الإبادة»، وبالتالى من الممكن أن نتصور تأثير مجرد امتلاك هذه القنابل النووية على معدلات الهجرة إلى إسرائيل، أو حتى التسبب فى حدوث «هجرة عكسية» كبيرة من شأنها الإخلال بالتوازن الديمغرافى داخل إسرائيل لصالح الفلسطينيين.
ثانيا: تأثير تحول إيران إلى دولة نووية على التوازنات الإقليمية والدولية فى الشرق الأوسط، وما يمكن أن يؤدى إليه مثل هذا التحول من ترجيح لكفة التحالف الروسى – الإيرانى – السورى – ويمكن أن نضيف بالتبعية «حزب الله» اللبنانى وحركة حماس – على كفة الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين فى المنطقة بالإضافة إلى فقدان إسرائيل ميزتها الاستراتيجية باعتبارها الدولة النووية الوحيدة فى الشرق الأوسط، وتهديد الدول النفطية فى الخليج العربى.
كما يحاول الكاتب استشراف الآفاق المستقبلية للعلاقات الإسرائيلية الإيرانية؛ فى ضوء التهديد الذى يمثله البرنامج النووى الإسرائيلى من وجهة النظر الإسرائيلية، وفى ضوء تخيل الرواية نجاح الرواية الإسرائيلية «المجتمع العلمى الإسرائيلى» فى التوصل إلى مصدر طاقة بديل عن النفط، بالتوازى مع نجاح الموساد الإسرائيلى فى التيقن من امتلاك النظام الإيرانى ثلاث قنابل نووية هيدروجينية.
وفى هذا الإطار تطرح هذه الدراسة تساؤلات تحاول الإجابة عليها، وهى فى مجملها تتعلق بمحاولة تفسير رؤية النص لأسباب العداء الإيرانى لإسرائيل، ومدى قدرة إسرائيل على التأثير سلبا على البرنامج النووى الإيرانى، وإلى أى حد يصبح بوسع إسرائيل إشعال ثورة شعبية داخل إيران.
ويشير الكاتب لتصور رواية «من بالماء ومن بالنار» لكاتب إسرائيلى حبكة مستقبلية تنجح فيها إسرائيل فى التوصل إلى مصدر طاقة بديل عن النفط، بالتوازى مع نجاح الموساد الإسرائيلى فى التيقن من امتلاك النظام الإيرانى لثلاث قنابل نووية هيدروجينية، كان قد اشتراها من إحدى الوحدات الروسية إيان سقوط الاتحاد السوفيتى فى مطلع التسعينيات وعلى الرغم من محاولة إسرائيل إبقاء اكتشافها لهذا المصدر الجديد للطاقة طى الكتمان، إلا أن المخابرات الإيرانية تنجح فى التوصل إلى هذا الاكتشاف الذى تنظر إليه باعتباره محاولة من الحركة الصهيونية لإضعاف الاقتصاد الإيرانى، وتهديد أمن إيران القومى.
ومن أجل البحث عن رد مناسب على هذا التهديد الإسرائيلى، يفكر النظام الإيرانى فى استخدام القنابل النووية التى بحوذته، وإطلاقها على أهداف إسرائيلية وأمريكية، وتدمير إسرائيل قبل أن تنجح فى تطبيق اكتشافها العلمى على أرض الواقع. لكن، وبسبب عيوب فنية فى هذه القنابل يصبح من المستحيل على إيران إطلاق القنابل مباشرة من قواعدها العسكرية الأمر الذى يجعلها تقرر تحميل قنبلتين على سفينتين تجاريتين، وإسقاطهما فى مياه البحر المتوسط قبالة السواحل الإسرائيلية، وتوجيه السفينة الثالثة إلى إحدى المدن الأمريكية، وتفجيرها فى ميناء المدينة. وتقرر إسرائيل، بعد اكتشافها المخطط الإيرانى، إشراك الولايات المتحدة فى المعلومات التى بحوذتها، سواء تلك الخاصة باكتشافها مصدر طاقة بديل للنفط، أو تلك الخاصة بتفاصيل المخطط الإيرانى بإبادة إسرائيل، وتدمير إحدى المدن الأمريكية. وتستعرض الرواية بعد ذلك المباحثات العديدة بين الإسرائيليين والأمريكيين فيما يتعلق بالتهديد الإيرانى؛ حيث تتوصل اللجان المشتركة المعنية يبحث التهديد الإيرانى إلى ضرورة إسقاط هذه السفن قبل وصولها إلى السواحل الأمريكية والإسرائيلية باستثناء سفينة واحدة رأت هذه اللجان ضرورة الاستيلاء عليها، وأسر طاقمها وما بحوزته من وثائق من أجل فضح النظام الإيرانى دوليا. وفى نهاية الرواية تنجح إسرائيل والولايات المتحدة فى إجهاض المخطط الإيرانى والتحول من الدفاع إلى الهجوم، عبر تنفيذ مخطط محكم لإسقاط النظام الحاكم فى إيران من الداخل، وإعلان إقامة نظام علمانى داخل إيران.
وفى النهاية يشير الكاتب إلى بعض النتائج التى توصل إليها، حيث كشف عن محاولة الأديب «عزريال لوربر» المساواة بين النظام الإيرانى والنظام النازى فى عدائهما لليهود بشكل عام من أجل وصم النظام الإيرانى بالعنصرية وفك الارتباط بين هذا العداء وبين الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين، ومسؤولية الحركة الصهيونية عن كل ما حدث للفلسطينيين منذ ١٩٤٨.
وأوضح الكاتب أن وصم الرواية الإسرائيلية للنظام الإيرانى بـ «التطرف» و«التشدد الدينى» يأتى من أجل نزع الشرعية عن أحقية هذا النظام – الذى يمثل وفق هذا السياق تهديدا مباشرا وواضحا للأمن والسلم العالمى – فى امتلاك السلاح النووى.
وكشفت الكاتب فى النهاية عن المزايا المستقبلية التى يمكن أن يحققها النظام الإيرانى من حصوله على قنابل نووية، وذلك بتخفيف الضغط الدولى على برنامجه النووى، وإخضاع دول الجوار لسياساته التوسعية.