دعاء تفريج الهم وتيسير الأمور
للتوكل على الله في تفريج الهم أهميةٌ كبيرة؛ إذ إنه يدل على حسن ظن المهموم بالله، ويُساهم في تعجيل استجابة دعاء تفريج الهموم وتيسير الأمور، وفي هذا المقال نضع بين يديك أبرز صيغ دعاء تفريج الهم، وأهم آداب الدعاء، وشروط استجابته، والمزيد من التفاصيل.
دعاء تفريج الهم وتيسير الأمور
إن تقوى الله أمرٌ أساسي لتيسير الأمور وقضاء الحوائج، فقد قال تعالى: “وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً” (الطلاق: 4)، كما أن ذكر الله يطرح الراحة في قلوب المهمومين، وفقاً لقوله تعالى: “أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” (الرعد: 28). [1]
وقد ورد دعاء تفريج الهم وتيسير الأمور بعدة صيغ مأثورة للدعاء عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وهي كما يأتي: [1]
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علّم هذا الدعاء لفاطمة -رضي الله عنها-، وهو: “يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين”.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، أنت تجعل الحزن سهلاً إذا شئت”. رواه ابن حبان.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال”. رواه البخاري.
دعاء تفريج الهم والكرب
ثبت دعاء تفريج الهم والكرب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصيغٍ متعددة، أبرزها ما يأتي: [2]
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: “قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما قال عبدٌ قط إذا أصابه همٌّ وحزن: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي. إلا أذهب الله همه، وأبدله مكان حزنه فرحاً. قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات؟ قال: أجل ينبغي لمن سمعهنّ أن يتعلمهنّ. أخرجه أحمد.
عن نفيع بن الحارث -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت”. أخرجه أحمد وأبو داود.
عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو عند الكرب يقول: “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم”. أخرجه البخاري ومسلم.
عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “دعوة ذي النون وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قط إلا استجاب الله له”. أخرجه أحمد والترمذي.
دعاء تفريج الهم والحزن
وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أذكارٌ متعددة لها أثرٌ عظيمٌ في ذهاب الهم والكرب، ومن أبرز صيغ دعاء تفريج الهم والحزن المأثورة ما يأتي: [4]
ما رواه أحمد وغيره عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما أصاب أحداً قط همٌّ ولا حزنٌ فقال: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً”، قال: فقيل: يا رسول، ألا نتعلمها؟ فقال: “بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها”.
ما رواه الترمذي عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إني لأعلم كلمةً لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه؛ كلمة أخي يونس -عليه السلام-: “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”.
ما جاء في سنن الترمذي عن أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ألا أعلمكِ كلماتٍ تقولينهنّ عند الكرب أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئاً”.
دعاء تفريج الهم والمشاكل
ورد دعاء تفريج الهموم والمشاكل في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، وفيما يأتي نذكر لك أبرز 3 أدعية تُزيل الهم والغم وتُفرج الكرب وتطرد الوسوسة -بإذن الله تعالى-: [3]
“اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي”، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذا الدعاء ما قاله أحدٌ إلا أذهب الله همه، وأبدله مكان حزنه فرحاً، قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات؟ قال: أجل، يَنْبَغِي لمن سمعهنّ أن يتعلمهنّ. رواه أحمد وغيره، وصحّحه الألباني.
“اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت”، فقد أخبر -عليه الصلاة والسلام- أنها دعوات المكروب. رواه ابن حبان، وحسنه الألباني.
“لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش العظيم”، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو بها عند الكرب. رواه البخاري.
أهمية التوكل على الله في تفريج الهم
يُعرف التوكل على الله بأنه تفويض الأمور إليه سبحانه، والثقة بحسن اختيار الله فيما أمر به، والاعتماد عليه في جلب المنافع ودفع المضار الدينية؛ كالهداية، والإيمان، والعمل الصالح، والعلم النافع. [1]
كما يشمل التوكل على الله، الاعتماد عليه في حصول المنافع ودفع المضار الدنيوية؛ بما في ذلك تفريج الهم والكرب، وكسب الرزق، وحدوث النصر، والشفاء من المرض، وغير ذلك، وتظهر أهمية التوكل على الله في تفريج الهم فيما يأتي: [1]
يوقن المؤمن في قرارة نفسه أن الله -عز وجل- هو مجيب المضطر إذا دعاه، وكاشف السوء والضر عن عباده، وأن الفرج الأعظم يأتي من الله، فهو الذي ينجي كل مكروبٍ يستغيث به في الدنيا والآخرة، وهو الذي يغفر الذنوب ويفرج الكروب والهموم، ويرفع شؤون العباد، وهنا تبرز ضرورة التوكل على الله في تفريج الهم والكرب وقضاء الحاجة؛ لأن الأمر كله بيده سبحانه، وقد قال تعالى: “وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ” [الصافات: 76]، كما قال تعالى: “قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ” [الأنعام: 64].
وعن أهمية التوكل في حياة المؤمن، أن الله يصرف الشيطان عن المتوكلين؛ فقد قال تعالى: “إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ” [النحل: 99]، كما أن المسلم ينال الجنة بالتوكل، فقد قال تعالى: “وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ” [العنكبوت: 58-59]، ما يعني أن الصبر والتوكل على الله -عز وجل- من أبرز الصفات التي أهّلت المؤمنين لجنات النعيم.
العبد الذي يترك الأمر إلى ربه ويرضى بمشيئته لا يفزعه المستقبل، بل يُعوَّض الخوف من المستقبل بالسكينة والطمأنينة، فقد قال تعالى: “وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه” [الطلاق: 3] (أي كافيه ما أهمَّه وأحزنه)، ومَن كان الله كافيه وواقيه فلا يضره شيء.
عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً”. رواه الترمذي، ويُشير معنى الحديث إلى أن العبد لو توكل على الله في ذهابه ومجيئه وتصرفه لسهّل الله له رزقه.
عندما يصل اليقين إلى القلب يمتلئ نوراً وإشراقاً، ويبتعد عنه كل هم وغم وسخط، وكل ريب وشك، ويكون القلب مليئاً بمحبة الله والخوف منه، والرضا به، والشكر له، والتوكل عليه، وقد قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: “مَن اعتمد على ماله قلَّ، ومن اعتمد على عقله ضلَّ، ومن اعتمد على جاهه ذلَّ، ومن اعتمد على الله لا قلَّ ولا ضلَّ ولا ذلَّ”.
آداب الدعاء المستجاب
هناك العديد من آداب الدعاء التي تُعزز استجابة الدعاء -بإذن الله تعالى- وينبغي على الداعي أن يتحلى بها، وهي كما يأتي: [5]
أن يكون موحداً بالله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، ومستجيباً لربه بطاعته وتجنب معصيته.
أن يكون مخلصاً لله في الدعاء.
أن يسأل الله بأسمائه الحسنى.
أن يُثني على الله قبل الدعاء بما هو أهله.
أن يُصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أن يستقبل القبلة، ويرفع يديه.
أن يكون حاضر القلب، موقناً بالاستجابة.
أن يُكثر من المسألة ويُلح في الدعاء، ويسأل ربه ما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، دون استعجال الإجابة.
أن يجزم في الدعاء، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّ اللهَ لا مُكْرِهَ لَهُ”. رواه البخاري ومسلم.
أن يستحضر التضرع والخشوع والرغبة والرهبة من الله.
أن يكرر الدعاء 3 مرات.
أن يأكل من الطعام الحلال ويرتدي من اللباس الحلال.
أن يكون دعاؤه في الخفاء دون الجهر به.
شروط استجابة الدعاء
ترتبط استجابة الدعاء بثلاثة شروط لا بد من توافرها لدى الداعي، وهي كما يأتي: [5] [6]
أن يدعو الله وحده لا شريك له بصدق، وأن يُخلص لله في هذه العبادة، فقد قال تعالى: “وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء”.
ألا يدعو بإثم أو قطيعة رحم، وألا يستعجل الإجابة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يُستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت فلم أرَ يُستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدعو الدعاء”. رواه مسلم.
أن يدعو بقلبٍ حاضر، موقنٍ بالاستجابة، ومحسنٍ الظن بالله، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافلٍ لاهٍ”. رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني.
وبعد أن تعرفت معنا على دعاء تفريج الهم وتيسير الأمور، ننصحك بالالتزام بآداب الدعاء وشروطه، لتعزيز فرص الاستجابة، وكذلك قول دعاء تفريج الهم بصيغه المختلفة كما هو مأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بقلبٍ حاضر وموقنٍ بالاستجابة، راجياً الله -عز وجل- أن يستجيب دعاءك ويتقبل منك صالح الأعمال.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :