على الرغم من الجدل الدائر حول برنامج التعرف على الوجه PimEyes، الذي يتخذ من بولندا مقراً له، أظهر اختبار شامل لمحرك البحث أنه يواجه مشكلة في التعرف على الأشخاص العاديين.
من بين أكثر من 25 عملية بحث أجرتها “ديلي ميل” Daily Mail البريطانية، واجه النظام المدعوم بالذكاء الاصطناعي مستويات متفاوتة من المشاكل مع 70% من صور، من بينها صور تم تحريرها أو غير واضحة قليلاً.
تعرف التطبيق على المشاهير بشكل دقيق إلى حد ما، لكن 25% فقط من النتائج كانت دقيقة تمامًا بالنسبة للأشخاص العاديين.
تهديد أمني خطير
ولكن يعتبر خبراء الأمن السيبراني تطبيق PimEyes يمثل “تهديدًا أمنيًا خطيرًا”، لأنه يوفر معلومات لحسابات وسائل التواصل الاجتماعي للأشخاص الذين يتم التعرف على وجوههم.
تضمنت بعض المطابقات عناوين الإنترنت لكل حسابات إنستغرام وتيك توك وفيسبوك وتمبلر إلى جانب المدونات الشخصية لمن تم التعرف على وجوههم.
يمكن أن يتمكن أولئك، الذين يتطلعون إلى “ملاحقة” شخص ما باستخدام تطبيق PimEyes من العثور على هدفهم.
خدمات مجانية ومدفوعة
يتيح الموقع، الذي يستخدم أكثر من 900 مليون صورة للعثور على أشخاص، للمستخدمين إجراء عمليات بحث عكسي عن الصور والعثور على صور على شبكة الإنترنت يُعتقد أنها نفس الشخص.
بالنسبة للبحث المجاني، فإنه يوفر اسمًا عامًا للموقع حيث تم العثور على الصورة السابقة، ولكن يشير الموقع إلى أنه يقدم ميزات الخصوصية، بما فيها الحماية من “المحتالين أو لصوص الهوية أو الأشخاص الذين يستخدمون صور الآخرين بشكل غير قانوني”.
ويوفر الاشتراك المدفوع تفاصيل إضافية، مثل الرابط الذي تم العثور على الصورة فيه وعناوين الصفحات والحسابات الشخصية المرتبطة به.
استخدامات مسيئة وضارة
وعلى الرغم من نتائج الاختبارات، التي وصفتها “ديلي ميل” بالباهتة، قال المحلل الرئيسي في موقع Digital Warfare، جيمس نايت، إن الخدمة “مفتوحة للغاية” بدرجة يمكن إساءة استخدامها.
قال نايت في إجابات على الأسئلة، عبر البريد الإلكتروني: “على الرغم من أنه يتم تسويق [الخدمة] للأفراد للبحث عن صورهم الخاصة، يمكن لأي شخص البحث عن صور [الآخرين]”، مشيرًا إلى أن “التخوف الرئيسي هو أن يتم استخدام هذا بشكل ضار من قبل الملاحقين للعثور على مزيد من المعلومات عن [الأشخاص الآخرين]”.
وتابع نايت قائلًا: إنه من الممكن “أن يتم تحميل صورة، تم التقاطها على وجه السرعة في أي مكان، لشخص ما للكشف عن مئات الصور المحتملة له، ومن ثم يتم معرفة اسمه وعنوانه وأرقام هواتفه وعناوين بريده الإلكتروني. إن هذه الأداة هي مستوى آخر في مشاكل تآكل الخصوصية الشخصية”.
على الرغم من ميزة تقديم خدمة مجانية تستخدم الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم الآلي، فإن عرض الشركة المدفوع يتطرق إلى مزيد من التفاصيل، حيث يوفر على سبيل المثال، عناوين الروابط التي تظهر فيها الصور الأخرى.
الاحتيال على المستخدم
ومن جانبها، قالت الباحثة التكنولوجية في لندن، ستيفاني هير، لصحيفة “واشنطن بوست” إنه من الممكن للغرباء مراقبة حياة الآخرين، وبشكل حرفي لا يوجد ما يمنعهم من القيام بذلك.
وأردفت قائلة: إن “الأشخاص الذين وضعوا صورًا لهم على الإنترنت، بصحبة أطفالهم أو أولياء أمورهم والأشخاص الذين يمكن أن يكونوا عرضة للخطر في حياتهم، لم يقوموا بذلك حتى يجدوا أنفسهم في نهاية المطاف يقومون بتغذية قاعدة بيانات يمكن للشركات استثمارها”.
وعقبت قائلة إنها يمكنها ترك هاتفها في المنزل لكنها تستطيع الخروج بدون وجهها.
انتهاك الخصوصية
وقال آرون ديفيرا، باحث أمني في نيويورك، إنه تم استخدام PimEyes من قبل أشخاص في مواقع إنترنت أخرى لملاحقة النساء والتعرف عليهن.
تعرض تطبيق PimEyes أيضًا لانتقادات في الماضي لاحتمال انتهاكها للوائح حماية البيانات العامة (GDPR) الخاصة بالاتحاد الأوروبي للتعرف على الوجه.
ولكن تقول الشركة إن PimEyes تم إنشاؤه كـ “أداة متعددة الأغراض” تسمح للأشخاص بتتبع وجوههم على الإنترنت واستعادة حقوق الصور ومراقبة تواجدهم عبر الإنترنت.
خدمات أمنية
وأفاد ديف غيرشغورن في تصريح مؤخرًا لموقع OneZero أن تطبيق PimEyes يقدم أيضًا عقودًا لوكالات إنفاذ القانون، حيث تستهدف شركة تدعى Paliscope، وكالات إنفاذ القانون للسماح لها باستخدام تقنية التعرف على الوجه من خلال الصور والملفات، للمساعدة في تحديد المشتبه بهم في القضايا والجرائم.
كما دخلت Paliscope مؤخرًا في شراكة مع مؤسسة 4theOne Foundation، وهي منظمة مكرسة للعثور على الأطفال الذين يتم الاتجار بهم.
بلا ضمانات فعلية
ويتضمن دفاع الشركة التي تدير تطبيق PimEyes أنها تسمح للأشخاص بحماية خصوصيتهم ومنع إساءة استخدام صورهم، ولكن لا توجد ضمانات واقعية تمنع بالفعل قيام أي أشخاص من تحميل صورة لشخص غريب تم التقاطها دون إذن منه ووضعها على التطبيق للحصول على مزيد من التفاصيل حول حياته.
لا يعد موقع خدمة PimEyes هو الأول من نوعه الذي يتيح للجمهور الوصول إلى تقنية التعرف على الوجه والبحث عن وجه شخص عبر الإنترنت.
تطبيقات مماثلة
في عام 2020، اتُهم محرك البحث الروسي Yandex بتوفير نظام التعرف على الوجه غير المنظم وانتهاك الخصوصية الشخصية.
يسمح Yandex، الذي يدعي إجراء أكثر من 50% من عمليات البحث الروسية على آندرويد، للمستخدمين بإدخال صورة ورؤية نتائج الشخص نفسه بالضبط.
أطلقت شركة روسية أخرى، تدعى NtechLab، خدمة باسم FindFace في عام 2016، وتعمل بطريقة مماثلة لـPimEyes، ولكن بعدما انتشر استخدامه تم قصر استخدامات تلك التقنية على جهود الدولة للمراقبات الأمنية فقط.
خطورة الشروط والأحكام
لسوء الحظ، لا يخضع الإنترنت لأي حماية شاملة للخصوصية. وسيطلب كل موقع أو منصة من المستخدمين قبول الشروط والأحكام الخاصة بها، والتي تتألف غالبًا من عدة صفحات وبالطبع ستتضمن إشارة إلى “ملكية الصورة” والتي تتيح غالبًا لموفر الخدمة حقوق تخزين أي صور واستخدامها.
مسؤولية شخصية بحتة
في العام الماضي، قال برايان هيغينز، أخصائي الأمن في شركة Comparitech ، في تصريحات لـ”ديلي ميل”، تشكل تلك التقنيات “تداعيات خطيرة للغاية وواضحة على الخصوصية ”، معربًا عن شكوكه في “أن المطورين ساذجون لدرجة أنهم يعتقدون أنه سيتم استخدام [تلك التقنيات] فقط للغرض المحدد لها”.
وللأسف، لا يقرأ أحد الشروط والأحكام، مما يسمح لمنصات مثل PimEyes بالاستفادة من التقنيات الجديدة والمتطورة لتقديم منتجات وخدمات يحتمل أن تكون غير أخلاقية.
وأشار هيغينز إلى أن “الحل الوحيد للمشكلة هو أن يأخذ مستخدمو الإنترنت الأفراد خصوصيتهم بجدية أكبر وأن يتخذوا خطوات لحماية أنفسهم”.