ترجمات| لورانس داريل والسحر الأسطورى فى «رباعية الإسكندرية»

الأديب العالمى «لورانس داريل».. روائى وشاعر وكاتب إنجليزى، اشتهر بـ «رباعية الإسكندرية» (جوستين، ماونت أوليف، بلثازار، كليا)، التى نُشرت بين عامى ١٩٥٧ و١٩٦٠، وتصنَّف ضمن قائمة أشهر أعمال الأدب الإنجليزى فى القرن العشرين، وحظى من خلالها بشهرة واسعة، ولهذا لُقب بـ «كاتب الإسكندرية».
ترجمة رباعية الإسكندرية
ترجمت «رباعية الإسكندرية» أولًا الشاعرة السورية سلمى الخضراء الجيوسى، حيث قامت بترجمة روايتى «جوستين» و«ماونت أوليف»، وصدرَتا عن دار نشر لبنانية، لكنها توقفت بعد ذلك عن الترجمة، رغم أنها كانت ترجمة جميلة وبلغت مستوى شعريًا راقيًا. وفى بداية التسعينيات، بدأ الدكتور فخرى لبيب ترجمة كاملة للرباعية، ونشرتها دار سعاد الصباح للنشر فى القاهرة عام ١٩٩٢، كما أعادت الهيئة العامة لقصور الثقافة إصدارها فى طبعة جديدة.


حياة لورانس داريل ومسيرته الأدبية
لورانس جورج داريل (٢٧ فبراير ١٩١٢ – ٧ نوفمبر ١٩٩٠)، ولد فى الهند لأبوين بريطانيين، وأُرسل إلى إنجلترا فى سن الحادية عشرة من أجل تعليمه. بدأ فى كتابة الشعر فى سن الخامسة عشرة، ونُشر أول كتاب له عام ١٩٣٥. وفى مارس من العام نفسه، انتقل مع والدته وإخوته الأصغر سنًا إلى جزيرة كورفو، حيث قضى سنوات عديدة هناك. كان داريل الأخ الأكبر لعالم الطبيعة والكاتب جيرالد داريل.
وقد ألهمته إقاماته فى أماكن مختلفة أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها فى الكثير من أعماله. خلال الحرب، عمل كملحق صحفى فى السفارات البريطانية، أولًا فى القاهرة ثم فى الإسكندرية، وهى الفترة التى ألهمته برباعيته الشهيرة.
فى عام ١٩٥٧، نشر داريل الرواية الأكثر شهرة فى السلسلة، وهى «جوستين»، ثم «بلثازار» (١٩٥٨)، و«ماونت أوليف» (١٩٥٨)، و«كليا» (١٩٦٠). تدور أحداث الروايات الثلاث الأولى حول سلسلة من الأحداث والشخصيات فى مدينة الإسكندرية بمصر، قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية، أما الرواية الرابعة فتدور أحداثها بعد الحرب بست سنوات.
تقع أحداث رباعية الإسكندرية فى مناطق:
الملاحات، كوم الدكة، شارع التتويج، شارع النبى دانيال، محطة مصر، عمود السوارى، محرم بك، مقابر الشاطبى.
البنية السردية للرباعية
تحكى الكتب الثلاثة الأولى القصة نفسها وسلسلة الأحداث بشكل أساسى، ولكن من وجهات نظر مختلفة. ثلاث من الروايات مكتوبة بضمير المتكلم، بينما كُتبت «ماونت أوليف» بضمير الغائب. تُرى أحداث السرد فى الغالب من خلال عيون إل. جى. دارلى، فهو المراقب الرئيسى للأحداث، وتفاعلات عشاقه وأصدقائه ومعارفه فى الإسكندرية.
كما قال «داريل»: «تتناول المجلدات الأربعة الشخصيات نفسها، لكن كل راوٍ يروى الأحداث من وجهة نظره الخاصة، ويكتب فى أوقات مختلفة.»
وصف داريل هذه التقنية فى ملاحظته التمهيدية فى «بلثازار» بأنها «نسبية»، حيث تعكس أفكار فرويد وأينشتاين وتقارب الميتافيزيقا الغربية والشرقية. أشاد النقاد بالرباعية لثراء أسلوبها، وتنوع وحيوية شخصياتها، وحركتها، ومواقعها فى المدينة المصرية القديمة، التى يصورها داريل على أنها البطل الرئيسى للرواية.
رواية جوستين
تدور حول دارلى، الذى يقع فى غرام جوستين، المتزوجة من نسيم، الذى ينحدر من إحدى العائلات الأرستقراطية القبطية السكندرية. يزداد تعقيد الأحداث عندما يرتبط نسيم براقصة يونانية شابة تُدعى ميليسا. تستمر الشخصيات الرئيسية وغيرها فى البحث عن ذواتها من خلال خبرات تستكشف معنى الحب والجنس، معنى الحياة والواقع.
رواية بلثازار
وهى المجلد الثانى فى رباعية الإسكندرية. فيها تتكرر الوقائع القديمة ولكن برؤية جديدة، كأنها قصة أخرى تمامًا، برهافة حسها وعمق إثارتها. يبدأ الكتاب برواية يعيش على جزيرة يونانية نائية مع ابن نسيم غير الشرعى من ميليسا، وبالفعل، ينجح نسيم فى استعادة ابنه من اليونان، ويعود به إلى الوطن.
رواية ماونت أوليف
وهى الرواية الوحيدة فى السلسلة التى تتبع السرد بضمير الغائب، كما أنها الأكثر سياسية. مليئة بالكشوف المذهلة، حيث يتقاسم الخائن والمخدوع تحالفات سرية، ويتبين أن الزواج الزانى كان بمثابة وسيلة لنقل المشاعر المتفجرة فى الشرق الأوسط الحديث. تجرى الأحداث فى نفس المكان والزمان، حيث يكون ماونت أوليف أول سفير بريطانى فى مصر، ويبدأ علاقة غرامية مع ليلى حسانى، والدة نسيم ونيروز. فى هذه الرواية، تصبح شخصيات «جوستين» و«بلثازار» ثانوية وغير فعالة، ولكنها تبقى جزءًا من خيوط الأحداث. تنتهى الرواية بجنازة قبطية لنيروز، حيث يستعد ماونت أوليف لمغادرة مصر، وقد خاب أمله تمامًا.
رواية كليا
وهى المجلد الأخير الرائع والأكثر شهرة فى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. إنها الرواية الحسية المليئة بالتشويق، التى تحل ألغاز الرباعية الإسكندرانية. فبعد سنوات من الحرب العالمية الثانية، وبعد علاقاته الغريبة مع ميليسا وجوستين، يصبح المهاجر الأيرلندى دارلى متورطًا فى علاقة غرامية مع الفنانة ثنائية الجنس كليا. هذه العلاقة لا تغير العشاق فحسب، بل تكشف أيضًا عن طبقات جديدة من الازدواج والرغبة والانحراف فى البناء السردى الذى ابتكره لورانس داريل. تخصص الرواية جزءًا كبيرًا لذكريات كليا، حيث يكشف بلثازار لدارلى أنه بينما كان متورطًا فى مؤامرته مع جوستين ووجد العزاء فى أحضان ميليسا، فإن الشخص الذى أحبه حقًا كان كليا.