الاعتراف بالمشكلة هو نصف الحل هكذا تعلمت منذ صغري، فعدم الاعتراف بالمشكلة هو مشكلة بحد ذاتها وهناك من لا يعترف أن لدينا في كرتنا العربية نظرة عنصرية أحياناً تظهر وتختفي حسب نجومية أصحابها وإخفاقاتهم أو توهج نجوميتهم… والعنصرية ليست فقط للون البشرة، بل للجنسية والأصل والشكل وما حدث مؤخراً مع ختام بطولة أمم أوروبا قرع جرس خطورة العنصرية البغيضة ليس في إنجلترا وحدها بل في العالم كله.
فحتى ما قبل ركلات الترجيح كانت إنجلترا كلها فخورة بنجوم منتخبها الذين وصلوا لمباراة نهائية في بطولة كبرى بعد 55 سنة من الانتظار وتحديداً بعد التتويج الوحيد بكأس العالم عام 1966 في ويمبلي.
وكانت الإشادات كبيرة بنجوم أمثال ساكا تحديداً الذي قدم بطولة مذهلة، إضافة لرحيم ستيرلينغ الذي سبق وتعرض مع راشفورد لهتافات عنصرية من قبل الجماهير البلغارية خلال تصفيات «يورو 2020»، والتي انتهت إنجليزية بالستة… وعادة تكون الهتافات من الجماهير المنافسة ولكن الأخطر هو أن تكون من جماهير منتخب البلد نفسه التي ظهرت حقيقة بعضهم البغيضة بعد إهدار ساكا وراشفورد وسانشو لثلاث ركلات ترجيحية قضت على آمال الإنجليز بالتتويج باللقب بعد أداء مذهل باعتراف الجميع لدرجة تشجيع الصحف على الهجرة لبريطانيا لأن 13 من أصل 26 لاعباً من أصول مهاجرة ولولاهم لما وصل المنتخب للنهائي باعتراف المختصين.
ولكن أن يكون هناك سيل من التعليقات العنصرية عقب الخسارة فهو ما لم أتوقعه شخصياً لأنني عشت في بريطانيا وأعرف حساسية أهلها من اتهامهم بالعنصرية في بلد متعدد الأعراق والأصول والأديان وإن كانت هناك عنصرية فهي مبطنة وغير واضحة، ولكنها ظهرت بوضوح عبر وسائل التواصل، مما اضطر إدارة «تويتر» لحذف وإغلاق ألف حساب ودخول رئيس الوزراء ووزير الداخلية على الخط ومهاجمة أصحاب التعليقات العنصرية، علماً بأن العديد من الوزراء هم من أصول مهاجرة مثل وزير الداخلية نفسه وعمدة لندن.
مؤسف ومعيب أن تمدح وقت الفوز ثم تنبش عن أسباب سخيفة وتُظهر وجهك الحقيقي عقب خسارة مباراة بتعليقات يمكن أن تقسم بلداً وحتى تثير فتنة وصراعات وربما مواجهات ومصادمات.
للأسف، فقد أظهرت خسارة مباراة كم يمكن للإنسان أن يتلون بين مديح وعنصرية في لمح البصر.