ظاهرة «التحفيل الكروي» التي شهدت تنامياً لافتاً خلال السنوات الأخيرة، بين مشجعي قطبي الكرة المصرية، الأهلي والزمالك، والتي تتخذ بعداً كوميدياً ساخراً عبر «السوشيال ميديا»، انتقلت من المنطقة الشعبوية إلى النخبوية أو إلى المشاهير أخيراً.
ويقود التحفيل بطبيعة الحال مشجعو الفريق المنتصر عقب انتهاء أي مباراة في الكلاسيكو المصري، بينما يدافع جمهور الفريق المنهزم بطرق عدة، تتسم بالطابع التراجيدي في الكثير من الأحيان.
وحقق الفنان الكوميدي المصري رامز جلال تفاعلاً كبيراً بمقطع الفيديو الذي نشره عبر حسابه على «إنستغرام»، وظهر فيه برفقة الإعلامي عمرو أديب وهو يعانقه قائلاً: «ثلاثية حلوة… ثلاثية ساخنة»، فيما تساءل «أديب» متهكماً: «كل الفنانين أصبحوا الآن أهلاوية؟». جاء ذلك على هامش حفل «جوي أوردز» الذي أُقيم بالسعودية أمس السبت بحضور نجوم عالميين ضمن فعاليات «موسم الرياض».
وكان فريق النادي الأهلي قد حسم أمس لقاء الديربي المصري بالفوز بثلاثة أهداف مقابل لا شيء على غريمه التقليدي نادي الزمالك، ليحلّق «النسر الأحمر» مبتعداً بصدارة مسابقة الدوري الممتاز بفارق ثمانية نقاط عن «الفارس الأبيض».
ويشير مصطلح «التحفيل» إلى ظاهرة التراشق بالنكات والكوميكس والمنشورات الساخرة بين جماهير الناديين الأشهر في أفريقيا، عقب كل مباراة قمة أو عقب كل تعثر لأحدهما وخسارة النقاط أو الخروج من إحدى البطولات.
لقطة من الفيديو الذي نشره جلال عبر حسابه على انستغرام
ولم يكتفِ رامز جلال في مداعبته بهذا القدر، وإنما راح يهتف: «كهربا…كهربا» في إشارة إلى لاعب الأهلي محمود عبد المنعم الشهير بـ«كهربا» الذي أحرز الهدف الأول في المباراة، ويُثار حوله جدل كبير بسبب تعرضه لعقوبة الإيقاف من جانب الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، ووجود غرامة مالية تقدر بما يقرب من مليونين ونصف المليون دولار مستحقة عليه إلى ناديه السابق الزمالك.
ويحرص عدد من نجوم الفن على التفاعل بشكل دائم مع مثل هذه النوعية من المباريات على غرار نبيل الحلفاوي الذي غرد عبر «تويتر» قائلاً: «تعملق الأهلي في الشوط الثاني وبسط النسر جناحيه فوق ستاد القاهرة بثلاثية نظيفة»، فيما اكتفى المنتج السينمائي محمد العدل بالقول: «الأهلي بمن غاب لأن (مقولة) الأهلي بمن حضر تضايقهم جداً». ومن المشاهير المعروفين بانتمائهم للزمالك، نجم الكوميديا الفنان محمد هنيدي الذي قال على صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك»: «أصلاً بطولة الدوري ليست مهمة، وحصلنا عليها مرتين، ونركز الآن في بطولة دوري أبطال أفريقيا».
بينما توجه «السيناريست الزملكاوي» عبد الرحيم كمال بالتهنئة لجمهور الأهلي قائلاً: «صباح الخير يا أهلاوية»، متسائلاً في منشور على صفحته بموقع «فيسبوك» «إن كان جمهور الأهلي سعيداً الآن؟».
ويعزو الناقد الرياضي عبد الحكيم أبو علم انتشار ثقافة «التحفيل»، إلى «التأثير الرهيب والمرعب لوسائل التواصل الاجتماعي في مصر»، مشيراً في تصريح إلى «الشرق الأوسط» إلى أن «تلك الثقافة تظل مقبولة نوعاً ما إذا لم تخرج عن نطاق الأدب والعادات والتقاليد المصرية ولم تتحول إلى تعصب أعمى مقيت».
وكانت بعض القنوات والصحف المصرية قد استبقت المباراة بحملة تحمل عنوان «لا للتعصب» تستهدف بحسب القائمين عليها «نبذ كل أشكال الإساءة والتجريح بين جماهير الناديين». وشارك في الحملة العديد من نجوم الزمالك والأهلي السابقين، فضلاً عن نقاد رياضيين مخضرمين.
ويحذر الناقد الرياضي أيمن أبو عايد من أن «ثقافة التحفيل لم تعد تقتصر على خفة الظل والمناكفات اللطيفة المقبولة، بل أصبحت تتضمن نوعاً من الاحتقان والبذاءات المرفوضة». ويضيف قائلاً إلى «الشرق الأوسط»: «التحفيل لم يعد يختص بمباريات القمة فقط، بل يكاد يكون حالة عامة طوال الموسم الكروي، وخروجه عن النص يُعَدُّ نتيجة طبيعية لحالة الاحتقان الموجودة في الإعلام الرياضي عموماً، وقناتي الأهلي والزمالك بشكل خاص، فضلاً عن صفحات السوشيال ميديا المخصصة لمهاجمة النادي الخصم».
ويطالب أبو عايد الهيئة الوطنية للإعلام بمصر بـ«تشديد الرقابة على أداء الإعلام الرياضي، حتى نتمكن من وأد الفتنة قبل أن يستفحل الأمر ويخرج عن السيطرة». على حد تعبيره.
لقطات من فوز الأهلي على الزمالك (حساب الأهلي على فيسبوك