اليمن يستغيث لإنقاذ “صنعاء القديمة” بعد أن أوشكت مبانيها على

اليمن يستغيث لإنقاذ “صنعاء القديمة” بعد أن أوشكت مبانيها على


وجهت المدينة التاريخية “صنعاء القديمة” استغاثة للعالم بعد أن أوشكت مبانيها التي يتجاوز عمرها 2500عام على الانهيار نتيجة الأمطار المستمرة منذ أسبوعين، والتي تسببت في تدمير أسقف أكثر من 40 مبنى أثريا من بين 11 ألف مبنى.. فهل ينقذ العالم جزء هام من تاريخ البشرية؟

أسباب الأزمة
قال عقيل نصارى، نائب رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية في اليمن، منذ أن حدثت الأزمة في اليمن في العام 2011 لم تحظ المدن التاريخية والأثرية بأي صيانة دورية، كما أنه وبعد اندلاع الحرب في العام 2015 استهدف طيران التحالف المدينة القديمة في ثلاث مناطق، ما أدى إلى خلخلة المباني داخل المدينة التاريخية كونها مبنية من الطين وليست مباني حديثة، ناهيك عن العوامل التاريخية خلال السنوات العشر الماضية.
وأضاف نائب رئيس الهيئة العامة لـ”سبوتنيك”، بالإضافة إلى العوامل البيئية جاءت الأمطار والسيول خلال هذه الأيام بصورة غير مسبوقة وبشكل مستمر خلال الأسبوعين الماضيين وإلى الآن، ما أدى إلى انهيارات في أسقف المباني، وحتى الآن تم سقوط أسقف 40 مبنى بسبب الأمطار.

قلة الموارد والحصار

وتابع نصاري، إن الهيئة العامة وبسبب نقل البنك المركزي من صنعاء وبسبب شح الموارد والإمكانيات تقف مكتوفة الأيدي تجاة هذا الأمر، لذا توجهنا بمناشدة إلى اليونسكو والعالم ليعرف الجميع ما يحدث في صنعاء والمدن التاريخية اليمنية، حيث يوجد لدينا العديد من المدن التاريخية المسجلة ضمن التراث العالمي مثل مدينة شبام والتي اجتاحها فيضان خلال تلك الأمطار الغزيرة والكثير من المباني تهدمت، كما يوجد في القائمة الوطنية العديد من المدن التاريخية مثل مدينة عمران ومدينة حبابة الواقعة بجوار سد “الرونة” الذي حدث له انهيار وكان يخزن حوالي 100 ألف متر مكعب من المياه والتي زحفت على المدينة لولا أنها تقع في مرتفع لتهدمت بالكامل.

وحول مدى استجابة العالم لمناشدة صنعاء بضرورة إنقاذ هذا التراث العالمي قال نائب رئيس الهيئة العامة، قمنا بمناشدة اليونسكو والمنظمات المهتمة بالتراث في موسم الأمطار السابق وكانت هناك استجابة من اليونسكو وقامت بتمويل عمليات الترميم لأربع مدن ضمن تمويل من الاتحاد الأوروبي عبر اليونسكو والدوحة لمدن صنعاء وشبام وزبيب، وتم ترميم 28 مبنى في القاسمي و11 مبنى أيضا في المناطق المحيطة بالقصر، لكن المناطق في صنعاء القديمة لم تكن مستهدفة في هذا التمويل الطارىء.

تراث عالمي
وأشار نصاري، نائب رئيس الهيئة، إلى أن مدينة صنعاء القديمة تحتوي على 11 ألف مبنى وكلها مباني تاريخية ضمن التراث العالمي، هناك تجاوب عالمي وإقليمي، لكن المطلوب الآن هو التمويل العاجل كون البلاد تعيش الآن في ظل الحصار والأزمة السياسية والحرب ووجود حكومتين وأيضا نقل البنك المركزي من صنعاء ما جعلنا لا نستطيع أخذ التمويل اللازم لإنقاذ هذا التراث، موضحًا أن عمر مدينة صنعاء القديمة حوالي 2500 سنة تقريبا وبعض المؤرخين يقولون أن عمرها يقارب 4200 سنة، لكن العفريات التاريخية دلت على أن عمر المدينة ما بين 2300-2500 عام.

ثالث مسجد في الإسلام

وعن أهم المباني في صنعاء القديمة قال نصارى، يوجد بالمدينة مبنى الجامع الكبير والذي بني بأمر الرسول محمد والذي يعد ثالث جامع في الإسلام بعد جامع طيبة والمسجد النبوي الشريف، كما أن هناك العديد من المباني تنتمي إلى حقب سياسية متعددة تنتمي إلى أنظمة الحكم والدول التي تعاقبت على صنعاء سواء في فترة الاحتلال الفارسي أو الحبش أو في الدولة السبأية قبل الاحتلال الفارسي، كما أن هناك العديد من المعالم العثمانية مثل جامع قبة البكيرية والذي يعد من أهم المساجد في صنعاء وتلك المنطقة تعرضت لقصف مباشر من جانب التحالف، كما توجد بالمدينة العديد من المعالم مثل الحمامات التركية والسبلن حيث لا يخلو حي في المدينة القديمة من الحمام البخاري والجامع والبستان والسبيل، وأي من تلك المعالم لا يقل عمره عن 500 سنة بالإضافة إلى الحالات النادرة لبعض المباني.
ولفت نصاري إلى أن المدينة مفتوحة طوال الوقت، وأن الهيئة تعمل مع الشركاء في التراث العالمي في اليونسكو والمكاتب الإقليمية في البحرين والدوحة، ومكتب الدوحة كان الأكثر استجابة ي نظرا لأنه المسؤول عن الشرق الأوسط والعالم العربي.

وضع استثنائي

من جانبه قال محمد البخيتي عضو المجلس السياسي لأنصار الله، إن العدوان على اليمن والحصار ومنع دخول المشتقات النفطية إلى البلاد كان له الأثر الكبير في الحد من قدرة اليمن على مواجهة الحالات الطارئة والتي من بينها الأمطار والسيول الغزيرة والتي مازالت تسقط بشكل مستمر منذ أسبوعين.
وأضاف عضو المجلس السياسي لـ”سبوتنيك”، إن تلك الأمطار الغزيرة والاستثنائية أثرت بشكل كبير على الكثير من المنشآت والطرق وغيرها، والأكثر تأثرا بتلك الموجة من الطقس هى مدينة صنعاء القديمة لأنها مبنية من الطين والرمل الأمر الذي أدى إلى سقوط العديد من أسقف المنازل التاريخية وتصدع عدد كبير منها، كما تعرض سور صنعاء القديم للانهيار في ظل ضعف كبير في الإمكانيات المادية للدولة والتي تساعدها في إنقاذ المدينة، لذا ناشدت الهيئة العامة منظمة اليونسكو بالمساعدة العاجلة لإنقاذ المدينة القديمة التي هي أحد مناطق التراث العالمي.

استجابة ضعيفة
وتوقع البخيتي أن تكون هناك استجابة عاجلة من المنظمة الدولية لإنقاذ المدينة، لكن هذا الاهتمام سيكون محدود، أضف إلى ذلك أن العدوان والحصار تسبب في شلل للحياة الاقتصادية، ففي ظل الظروف العادية حتى المواطنين يكونون قادرين على ترميم منازلهم، لكن في ظل تلك الإمكانيات المحدودة نجد ان الدولة غير قادرة على كافة الإصلاحات سواء في المدن التاريخية أو في السدود المعرضة للانهيار، نتيجة لصعوبة الحصول على مادة الديزل اللازمة لتحريك تلك المعدات، لذا فإن ندرة المشتقات النفطية نتيجة الحصار والعدوان أضاف عبء جديد لقلة الإمكانيات الموجودة بالفعل.

مناشدة واستغاثة
وجهت الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية في اليمن نداء استغاثة إلى المنظمات الدولية وخاصة اليونسكو، لإنقاذ مدينة صنعاء التاريخية التي تضررت جراء الأمطار، موضحة في بيان لها أمس الاثنين، أن “مباني صنعاء القديمة التي صمدت لمئات السنين نكاد نفتقدها في أي لحظة، جراء استمرار هطول الأمطار الغزيرة وغير المسبوقة والتي نتج عنها انهيار شبه كلي لعدد من المباني مأهولة بالسكان”، حسبما نقلت عنها وكالة “سبأ” التي يديرها الحوثيون.
وأشار البيان إلى حدوث انهيارات جزئية للجدران الحاملة والأسقف بسور مدينة صنعاء الشمالي والجنوبي، مؤكدا أن “هذه المدينة العالمية توجه اليوم كارثة حقيقية تهدد وجودها”، حيث وجهت الهيئة “رسالتها للعالم ليتحمل مسؤوليته تجاه إنقاذ هذا التراث الإنساني”، معبرة عن أملها “أن تجد هذه الاستغاثة تفهما وتجاوبا”.
وأعادت الهيئة إلى الأذهان أن صنعاء القديمة مسجلة في سجل التراث العالمي منذ العام 1986، وهي “حاضرة في الوجود منذ البدايات الأولى لتواجد الإنسان على الأرض”، وأنها “قدمت للعالم نموذجا راقيا في فن العمارة”.

صنعاء القديمة
ويقصد بها المدينة المسورة وكان لها سبعة أبواب لم يبق منها إلا باب اليمن، وهي إحدى تلك المدن القديمة المأهولة باستمرار من القرن الخامس قبل الميلاد على الأقل، أصبحت عاصمة مؤقتة لمملكة سبأ في القرن الأول للميلاد بعد استعادة أسر من قبيلة همدان للعرش السبئي من الحميريين وجاء ذكرها في نصوص المسند بصيغة صنعو وهي بنيت صنعاء في واد جبلي يرتفع إلى 2200 متر وأصبحت مأهولة بالسكان منذ أكثر من 2500 سنة.
وتحولت المدينة في القرنين السابع والثامن إلى مركز هام لنشر الإسلام، فحافظت على تراث ديني وسياسي يتجلى في 106 مساجد و21 حماماً و6500 منزل تعود إلى ما قبل القرن الحادي عشر. أما المساكن البرجية المتعددة الطبقات ومنازل الآجر القديمة فتزيد الموقع جمالا.

قد يهمك أيضًا:

مصر تستعيد قطعة حجرية للملك أمنحتب الأول بعد تهريبها

دور المزادات اللندنية تتألّق بأرقى كنوز العالم الإسلامي مِن الهند للأندلس





Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *