«القومي للمسرح» يكرم أحمد عبدالجليل راهب المسرح وصائد الجوائز

«القومي للمسرح» يكرم أحمد عبدالجليل راهب المسرح وصائد الجوائز


شهدت الدورة الثامنة عشرة من المهرجان القومى للمسرح المصرى، تكريم المخرج المسرحى الكبير أحمد عبد الجليل ضمن كوكبة من رموز المسرح المصرى، الذين أثروا الساحة بإبداعهم ومسيرتهم الممتدة.

وضمت قائمة المكرمين الفنان القدير محيى إسماعيل، النجم أشرف عبد الباقى، الفنانة القديرة ميمى جمال، الفنانة الكبيرة سميرة عبد العزيز، الفنان القدير أحمد نبيل، المخرج المسرحى جلال العشرى، الكاتب المسرحى سليم كتشنر، مصمم الديكور والناقد المسرحى الدكتور صبحى السيد، المخرجة المسرحية عبير على. ويأتى هذا التكريم تعبيرًا عن تقدير المهرجان لمسيرة المبدعين، وتوثيقًا لجهودهم التى ساهمت فى تشكيل الوعى المسرحى لدى أجيال متعاقبة.

من جانبه قال المخرج أحمد عبد الجليل إنه يعتبر هذا التكريم تتويجًا لمسيرته الفنية الطويلة واعترافًا من الدولة المصرية، ممثلة فى وزارة الثقافة والمهرجان القومى للمسرح، بقيمة ما قدمه من إسهامات للمسرح المصرى على مدار خمسة عقود، مضيفًا أن «المسرح بالنسبة لى كان دائمًا رسالة تنوير لا تنضب، وليس مجرد مهنة أو نشاط إبداعى». وقد أصدر المهرجان كتابا عن مسيرة عبد الجليل تأليف وإعداد الباحث والكاتب د. محمد أمين عبد الصمد.

وتقول سيرة أحمد عبد الجليل إنه ولد عام ١٩٥٢ فى مدينة المنصورة، وبدأت رحلته مع المسرح فى سن مبكرة من خلال النشاط المدرسى، حين اكتشفه أستاذه إبراهيم الدسوقى، وشارك ممثلًا فى عرض «موتى بلا قبور» لجان بول سارتر. ثم انطلق فى مشوار فنى طويل جمع بين التمثيل والإخراج، وتتلمذ خلاله على يد مخرجين كبار أمثال حسين جمعة، محمد فاضل، عبد الغفار عودة، وإبراهيم الدسوقى. وخلال أكثر من خمسين عامًا، أخرج عبد الجليل ما يزيد على ١٢٠ عرضًا مسرحيًا توزعت بين قصور الثقافة، المسرح الجامعى، مسرح الشركات، مركز الهناجر للفنون، والقطاع الخاص. وتميزت أعماله بأسلوب يجمع بين الطقس المسرحى والموسيقى والغناء والاستعراض، وبتقديمه نصوصًا عربية وعالمية لكبار الكتّاب مثل سعد الله ونوس، وول سوينكا، ألفريد فرج، فيكتور هوجو، وفريدريش دورينمات. وكان أول من قدّم المسرح الإفريقى فى مصر عام ١٩٩٢ من خلال أعمال الكاتب النيجيرى وول سوينكا، كما أحيا تراث المسرح الغنائى المصرى بأوبريتات مثل «شهرزاد»، «يوم القيامة»، و«الجنيه المصرى»، ومن أبرز عروضه: «الزير سالم»، «الموت وفارس الملك»، «الأسد والجوهرة»، «شحتوت العظيم»، «البؤساء»، و«شبح الأوبرا»، وقد أظهرت رؤيته الإخراجية المتفرّدة فى مزج النص بالصورة والإيقاع المسرحى.

وقد نال عبد الجليل عشرات الجوائز فى الإخراج والعروض الفنية من مهرجانات الأقاليم، الجامعات، والجهات الثقافية، وكرّمته مؤسسات رسمية وفنية. وكان عضوًا نشطًا فى لجان التحكيم، وشارك فى تأسيس فرقة دراما عام ١٩٨٨، واستوديو الممثل بالمنصورة عام ١٩٨٦. وتقلّد مناصب عدة بالهيئة العامة لقصور الثقافة، من بينها مدير فرق المدن ووكيل الإدارة العامة للمسرح، وأسهم فى تطوير أداء الفرق المسرحية بالأقاليم وحل مشكلاتها الفنية والإدارية.

ويُعد أحمد عبد الجليل من أبرز رموز مدرسة «الفن للمجتمع»، مؤمنًا بأن المسرح ضرورة تربوية وفكرية وجمالية، لا ترفًا، وبأن له دورًا محوريًا فى الارتقاء بالوعى الجمعى، خاصة بين الشباب والفئات المهمشة. وأسلوب أحمد عبد الجليل أسلوب محرض يخرج أروع ما بداخلك ولولا كونه مخرجا قديرا لما حرك بداخل المتعاونين معه أروع ما يبدعونه سواء كانوا مهندسى ديكور أو ممثلين أو شعراء أو مطربين، ولعل هذا يفسر أن كثيرا من عروضه كانت تحصل على أكثر من ثلاث جوائز أحمد عبد الجليل مايسترو فى تكوين فريق متناغم ومتفاهم فى أى عمل مسرحى وهو قادر على إشاعة روح الأسرة وروح الفريق المقاتل المراهن دائما على الأفضل.

أما الملمح الآخر الذى أحرص على العرض له فهو ما الذى يمثله المسرح لعبد الجليل وهل هو مجرد موظف ينجز أعماله على أفضل وجه؟ والإجابة: لا بالتأكيد، فأحمد عبد الجليل لا يتعامل مع المسرح باعتباره موظفا فى أى جهة من الجهات ولكنه ينظر للمسرح باعتباره رسالة ودورا تنويريا وتوعويا وفكريا، كما يعمد لإشاعة الذوق الفنى المسرحى الراقى الذى يرقى بالذائقة المسرحية العامة فيقوم بشىء يذكر، وهو أن يقدم مسرحا يقدم قضية دون غياب لعناصر البهجة والمتعة والكوميديا أيضا وكل عناصر الجذب وكأنه يقول لأصحاب المسرح التجارى والترفيهى ها نحن نقدم المتعة والضحك والكوميديا والتراجيديا دون أن يأتى هذا على حساب القيمة الفنية أو الرسالة الإنسانية والفنية للمسرح.

أحمد عبد الجليل يضيف ملمحا هاما لمسيرته وسيرته يؤكد المعنى الذى أشرت إليه ويدفعنا لاستدعاء قامة مسرحية رائدة كانت كشافة للنجوم وقامت بالرسالة المسرحية وهو زكى طليمات الذى فتح المجال للموهوبين فى المسرح والتمثيل فى المدارس والجامعات والثقافة الجماهيرية بل وأسس مسرحا فى الكويت وتونس، وعبد الجليل، لأنه راهب فى المسرح وصاحب رسالة، قدم المسرح للجامعات والمدارس والنقابات والشركات والثقافة الجماهيرية وفى زمن تصاعد فى المد الخاص بالإسلام السياسى مطلوب ألف عبد الجليل لمواجهة هذه التيارات التى برعت فى توظيف واستقطاب العقول الفارغة باتجاه الإرهاب.

عبد الجليل هو صائد الجوائز ومن يعمل معه له نصيب منها وأخرج عشرات العروض المسرحية التى تحمل فى طياتها قضايا ملحة سياسيا وإنسانيا ووطنيا وفكريا، وهذا يدفعنى للسؤال: لماذا لا تستفيد المسارح التابعة للدولة من مخرج قدير مثله ليخرج أعمالا لمسارح الهيئات الرسمية المختصة بهذا الشأن، وأن يعمموا الفائدة من أعماله بتنظيم قافلة مسرحية ليقدم أعماله فى محافظات وأقاليم وجامعات مصر.




Source link

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *