بمشاركة أكثر من 60 شاعرًا شابًا.. «النص الجديد» يفتتح أمسياته بثلاثة مشاهد شعرية تكشف ملامح القصيدة الحداثي

في مساءٍ تتعانق فيه القصيدة مع فضاء مفتوح على التجريب، افتُتحت بالقاهرة، السبت 17 مايو 2025، فعاليات ملتقى الشعر العربي للنص الجديد، الذي جاء هذا العام محمّلًا بروح مغامرة وشغف فني واضحين، وسط حضور نوعي من شعراء ونقاد ومحبّي الكلمة المغايرة، في احتفاء جماعي بالنصوص التي تكتب خارج القوالب وتدفع بالشعر إلى مناطق جديدة.
وأكد الشاعر سامح محجوب، مدير بيت الشعر العربى، في تصريحه لـ «المصري اليوم» أن الملتقى يأتى ضمن استراتيجية جديدة لإبراز أصوات جادة تُقدم نصوصا غير تقليدية تحمل روح العصر. وقال: «نؤمن بأن الشعر لا ينتعش إلا حين نُتيح له منصات حقيقية وتفاعلاً حيًا بين النص والجمهور»
شهد اليوم الأول ثلاث أمسيات شعرية متتالية، شكّلت معاً لوحة بانورامية لتنوّع المشهد الشعري العربي المعاصر. الأمسية الأولى، التي حملت طابع الافتتاح الرسمي للملتقى، أدارها الإعلامي حسن الشاذلي، وافتتح الملتقى الكاتب سامح محجوب مدير بيت الشعر العربي في كلمة ترحيبية ثم قدم نصًا تحليليًا تأريخيًا، يتناول الشعر العربي من منظور تطوري وزمني، ويقارب تحولات الشعر العربي في علاقته بالسلطة والسياسة والدين والاجتماع والثقافة.
وشارك في الأمسية الأولى الشعراء: أحمد جمال مدني، عبد الرحمن تمام، محمد العارف، وسام دراز، محمد هلال، أحمد جمال نور الدين، محمد الشهاوي، ناصر عبد السلام، ومنى رؤوف. وجاءت النصوص محمّلة بأسئلتها الخاصة، بعضها متورط في هواجس الذات، وبعضها مشتبك مع العالم في عنفوانه، وفي كلا الاتجاهين حضرت روح “النص الجديد” واضحة: نص لا يخشى الانكسار، ولا يخجل من هشاشته، نص يعيد تعريف الشعر نفسه.
في الثامنة والنصف مساءً، أُطلقت الأمسية الثانية، بإدارة الشاعر والناقد عبد الرحمن مقلد، وجمعت أصواتًا شعرية من مشارب وأساليب مختلفة للشعراء: ريم المُنجي، منصور الكلحي روح محمد، طه الصياد، محمود شريف، أحمد حافظ، محمد كمال، كريم مقلد، محمد هشام، محمود حشيش
وتراوحت القراءات بين العمودي المحمّل بنَفَس حديث، وبين التفعيلة، وقصيدة النثر التي تقول العالم بعين حرة، بدا المشهد في هذه الأمسية كأن الشعر يفاوض اللغة من جديد، لا ليؤسس سلطة جديدة، بل ليشكك في كل ما هو مستقر.
وجاءت الأمسية الثالثة، التي بدأت في العاشرة مساءً، بإدارة الشاعرة والناقدة هبة علي، لتكون مسك ختام اليوم الأول، بمشاركة:أحمد خطاب، سارة حسان، شروق نبيل، طارق أزنجي، محمد فرغلي، محمد غازي النجار، محمد الجابري، ضياء فريد، ياسمين صلاح، وأحمد زيدان. هنا بدا الحضور الشعري أكثر جرأة في كسر التوقع وتوليد الدهشة، ولامست القصائد مناطق حساسة في التجربة الإنسانية، حيث لم تعد القصيدة مجرد شكل جمالي، بل خطاباً حياً، قلقاً، لا يطمئن إلى إجابة.
بهذه البداية، يرسّخ «ملتقى الشعر العربي للنص الجديد» مكانته كمجال رحب لتداول النصوص الطليعية، لا بوصفه مجرد تظاهرة شعرية، بل مشروعاً متجدداً يعيد طرح الأسئلة حول الشعر، ودوره، وأشكاله الممكنة، في زمن تتعدد فيه اللغات ويضيق فيه المعنى.
وتتواصل فعاليات الملتقى غدًا ، بأمسيات وندوات نقدية تستقصي تحولات القصيدة العربية وتناقش ملامح «النص الجديد» من الداخل، في حوار حيّ بين التجربة والقراءة، وبين ما كُتب وما يمكن أن يُكتب.