يتيح قانون الأسواق الرقمية الذي اتفقت عليه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إمكان التواصل بسهولة عبر “واتساب” و”سناب شات” و”تليغرام” من دون الحاجة إلى أن يكون المتواصلون يستخدمون التطبيق نفسه، ما يشكّل نهجاً جديداً يعتبره البعض انتصاراً للمستخدمين، فيما يبدو في نظر آخرين خطراً يطاول بياناتهم.
وتنضوي تحت مصطلح “التوافق التشغيلي” تقنية الربط بين تطبيقات المراسلة، التي يعتزم الاتحاد الأوروبي فرضها على الشركات الرقمية العملاقة بحلول عام 2023.
وأشار بيان الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي المنشور، إلى أنّ الفكرة تتمثّل في “إتاحة مزيد من الخيارات” أمام مستخدمي الإنترنت.
ويتيح قانون الأسواق الرقمية لمستخدمي “التطبيقات الصغيرة” إمكان “تبادل الرسائل والملفات وإجراء مكالمات عبر الفيديو” مع مستخدمي التطبيقات الكبيرة من دون الحاجة إلى تنزيلها.
وكتبت المديرة التنفيذية لمنظمة “تك أوفرسايت برودجكت”، التي تسعى إلى زيادة الرقابة على الشركات الرقمية العملاقة ساشا هاورث عبر “تويتر”، أن هذه الخطوة تشكّل “نهاية الصوامع”.
واعتبر الأستاذ في معهد إلينوي للتكنولوجيا مار هيكس في تغريدة على “تويتر”، أنّ “مجرد الوصول إلى مرحلة من تاريخ المعلوماتية، أصبح فيها هذا النوع من التوافق التشغيلي موضوع قانون هو أمر مذهل”.
لكنّ المحلل المستقل بنديكت إيفانز رأى عبر “تويتر”، أنّه من “السذاجة” الاعتقاد بأن الفارق الوحيد بين تطبيقات المحادثة هو “شعاراتها البصرية”، إذ “هو أنظمتها”، مشيراً إلى أن “أسئلة عدة تُطرح في شأن سبل الربط بينها”.
البيانات الشخصية
أما الفكرة التي تُطرح غالباً، فتتعلق بأمن البيانات الشخصية، فكيف سيُضمَن للمستخدم إذاً بأنّ بياناته لن تُكشَف عند استخدامه تطبيق محادثة آخر؟
ولجأت “واتساب” التابعة لشركة “ميتا”، إلى نظام تشفير منهجي من طرف إلى آخر (من باعث رسالة إلى متلقيها) يطاول الرسائل كلّها من بينها تلك المبعوثة في مجموعات الدردشة.
أما “تليغرام” فلا يتيح من جهته هذه الخدمة بشكل تلقائي، بينما لا يشمل النظام في “سناب شات” الرسائل المكتوبة بل الصور ومقاطع الفيديو.
ويقول أليك مافيت، وهو خبير في الأمن السيبراني، إنه “من الخطأ الاعتقاد بإمكان التواصل بين التطبيقات لمجرّد استخدامها الخوارزميات للتشفير، ولكون بعض الخوارزميات هي نفسها في التطبيقات كلّها”.
ويعتبر بنديكت إيفانز أنّ القانون الجديد “تسوية وإجراء جيّد لإتاحة التنافس، لكنّه سيّئ للمنتجات ولحماية الخصوصية”، مضيفاً “لا يمكن تسجيل إيجابيات على مستوى المواضيع الثلاثة في الوقت نفسه”.
التوافق التشغيلي بالتشفير “خطوة مستحيلة”
ويرى المتخصص في حماية البيانات والأستاذ في جامعة كولومبيا ستيف بيلوفان، أنّ “تطبيق التوافق التشغيلي بالتشفير بين طرفين يمثل خطوة صعبة جداً إلى مستحيلة”.
وبعيداً من مسألة تشفير الرسائل، يقول بيلوفان “لنعتبر أنّكم تلقيتم رسالة (من تطبيق آخر) من مستخدم واتساب يُدعى ستيف بيلوفان. كيف ستتأكّدون أنّ هذا المستخدم هو أنا، وليست عملية قرصنة أو تشابه أسماء؟”.
وفي هذا الإطار، يعتبر المتخصص في القوانين المتعلقة بالإنترنت إيان براون أنّ “الأمر من وجهة نظر تقنية ليس بالغ التعقيد”، مضيفاً أنّ “الشركات الكبرى عارضت اللجوء إلى هذا النظام، لأنّ غياب التوافق التشغيلي يمثّل أحد العوامل الأساسية لهيمنتها”.
إضافة إلى ذلك، ومع أن تطبيق النظام الجديد سيقتصر في الوقت الراهن على أوروبا، “سيكون توسيع تطبيقه ليشمل المستخدمين في العالم كله سهلاً نسبياً بعد استحداث التقنيات اللازمة له”، وفق ما يرى براون، الذي قدّم نصائح إلى الحكومة الأميركية والمفوضية الأوروبية في شأن القانون.
وغرّد مؤسس شركة “إيبيك غايمز” لنشر ألعاب الفيديو وتطويرها ورئيسها التنفيذي تيم سويني، “اليوم هو اليوم العالمي لـ(إذا أتحنا المنافسة أمام التطبيقات سينهار العالم)، تحت رعاية مجموعات الضغط”.
عالم ميتافيرس
ويرى سويني إمكانيةً لوضع معايير وبروتوكولات تشكل أساس التوافق التشغيلي، كما حصل في مجالات البريد الإلكتروني والتقنية التحريكية الثلاثية الأبعاد والتعلم الآلي (الذكاء الاصطناعي).
ويقارن أليك مافيت تطبيقات التواصل بالمطاعم، معتبراً أنّ “البروتوكولات تعني أنّ كل تطبيق عليه تقديم القائمة نفسها، ولن يكون هنالك اختلافات بعد الآن”. ويقول “أتمنّى ألّا يتحقق ذلك لأنني أستخدم أدوات (تطبيقات المراسلة) عدّة لأغراض مختلفة”.
ولم يتطرق الاتحاد الأوروبي هذه المرة إلى التوافق التشغيلي للشبكات الاجتماعية، لكنّه يخطط للنظر فيها يوماً ما.
أما تيم سويني الذي طوّرت شركته لعبة “فورتنايت” فيحلم بأبعد من ذلك، ويقول “ذات يوم، سنتناول المحتوى (الأفلام، والمسلسلات، والألعاب) وبعدها الألعاب الإلكترونية بطريقة مطابقة لعالم ميتافيرس”.