أكد خبراء كرويون سعوديون أن المنتخب السعودي الأولمبي خرج بمكاسب ودروس عديدة، رغم أنه خرج خالي الوفاض من مشاركته في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، وعدم القدرة على حصد أي نقطة من المباريات الثلاث التي خاضها في الأولمبياد أمام منتخبات ساحل العاجل وألمانيا والبرازيل، حيث خسر المباريات جميعها.
وبين الخبراء أن من المكاسب الخبرة التي اكتسبها بعض اللاعبين الذين يشاركون للمرة الأولى في مسابقة عالمية كبرى وأمام لاعبين كبار يوجَدون في أقوى الدوريات الأوروبية، والاحتكاك بهذه الأسماء، وتقديم مستويات مميزة في غالبية أوقات المباريات، والرجوع بالنتيجة أمام هذه المنتخبات.
كما أن من أبرز الدروس المستفادة أهمية مراجعة العدد الكبير للاعبين الأجانب المحترفين في الأندية السعودية الذين باتوا يشكلون نسبة الثلثين في كل فريق، مما يمنح مساحات ضيقة للاعبين السعوديين في المشاركة، خصوصاً المهاجمين الأجانب الذين تعتمد عليهم غالبية إن لم تكن جميع الفرق في البطولات المحلية الكبرى، مما كان له الأثر السلبي في انحسار الأسماء القادرة على تشكيل فاعلية في المنتخب السعودي.
وقال المدرب الوطني بندر الجعيثن الذي قاد عدداً من المنتخبات السعودية في الفئات السنية إن المنتخب الأولمبي أظهر خلال وجوده في الأولمبياد حماساً كبيراً، من أجل الخروج بمنجز يكون الأكبر في المشاركات الأولمبية السعودية، إلا أن الواقع فرض نفسه حيث إن الخبرة لعبت الدور الأكبر في الخروج من الدور الأول في هذه النهائيات.
وأضاف: «قدم المنتخب السعودي أداء حماسياً، وكانت هناك رغبة واضحة لدى اللاعبين ونجح المدرب سعد الشهري في مهامه، لكن من المهم العودة للواقع الذي أكد أن هناك فوارق كبيرة بيننا وبين المنتخبات في المجموعة التي وُجد فيها المنتخب السعودي».
وزاد بالقول: «لا يمكن أن تغلب العاطفة على الواقع، حيث إن تحقيق ميدالية في مثل هذه البطولات العالمية يحتاج إلى عمل طويل ومتواصل لسنوات وليس لأشهر معدودة».
وبين أن هناك أهمية في التحضير لمثل هذه البطولات منذ سنوات، من خلال الاحتكاك الدائم بالمنتخبات العالمية القوية ونتيجة لذلك يمكن أن نتطور وننافس في مثل هذه البطولات.
وأشار إلى أن المنتخب العاجي غالبية لاعبيه إن لم يكن جميعهم في أوروبا، وكذلك الحال للمنتخب البرازيلي، كما أن المنتخب الألماني ورغم غياب أبرز النجوم من بايرن ميونيخ ودورتموند، فإن هذا لا يقلل من قيمته لكونه من أقوى المنتخبات العالمية، وإن خرج من النهائيات لكنه يبقى اسماً كبيراً.
وبيّن أن العديد من اللاعبين الحاليين يفتقدون الخبرة في مثل هذه المباريات، وقد تقتصر الخبرة على الثلاثي ياسر الشهراني وسالم الدوسري وسلمان الفرج، فيما يفقد بقية اللاعبين كثيراً من الخبرة والاحتكاك، مع وجود حماس في الوجوه الجديدة، وكذلك العمل الفني الجيد، ولكنّ هناك فقداناً للقوة وللسرعة في الأداء حيث إن المهارة لا يمكن أن تعمل كل شيء.
وتطرق إلى أن وجود الكم الكبير من اللاعبين الأجانب في الأندية السعودية في جميع المراكز، خصوصاً في الهجوم، وحتى الدفاع، مما كان له الأثر في عدم منح فرصة للأسماء المحلية للوجود في قائمة فرقها بشكل مكثف.
وحول الأخطاء الدفاعية تحديداً في المباريات الثلاث للمنتخب السعودي في الدورة الأولمبية في طوكيو، قال الجعيثن: «هناك ضعف كبير في الخبرة في جميع المدافعين، عدا الشهراني، وكانت هناك أخطاء مؤثرة ولكن في المباراة الثالثة ضد البرازيل كان هناك تحسن في الأداء، وإن سجلت ثلاثة أهداف برازيلية».
وشدد على أهمية دعم الأسماء المحلية الشابة والصاعدة، خصوصاً أن المرحلة المقبلة ستشهد مشاركة المنتخب الأول في التصفيات النهائية المؤهلة إلى مونديال «2022»، مع الاستفادة من جميع الدروس التي حصلت في طوكيو، وكذلك التخطيط طويل الأمد من أجل المنافسة في البطولات الكبرى ومن بينها الأولمبياد.
أما جمال محمد اللاعب الدولي السابق فقد بين أن المنتخب السعودي ظهر بضعف كبير في خط الهجوم خلال الأولمبياد حيث لم يتم تسجيل أي هدف من رأس الحربة سواء عبد الله الحمدان أو فراس البريكان مع الدقائق الأخيرة التي شارك بها الثاني ضد البرازيل، وهذا يؤكد أن المهاجمين السعوديين باتوا عملة نادرة، ومن المهم العمل على اكتشاف مواهب جديدة وتأهيلها من خلال مراكز في مناطق المملكة يشرف عليها أصحاب الخبرة، لأن الوضع ينبئ بخطر كبير، لعدم وجود مهاجمين سعوديين أكفاء بالعدد الكافي في الوقت الراهن.
وأضاف أن المنتخب السعودي قدم أداء جيداً في الأولمبياد، ولكن في نهاية الأمر خسر المباريات الثلاث، وهذا يعني أن المشاركة لم تكن أفضل من سابقاتها من حيث النتائج، ولكن في المقابل لا تعني عدم وجود تطور في الأداء والعمل والجهد.
وشدد على أن الأخطاء في المنتخب السعودي والضعف لم يكن حكراً على خط الهجوم، بل إن هناك أخطاء دفاعية مؤثرة حصلت وكان لها الأثر في التعرض للخسائر الثلاث، ومن المهم العمل على تصحيحها، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الأسماء في المنتخب الأولمبي تنتظرها مهمة مع المنتخب الأول في تصفيات الوصول للمونديال، ولذا تصحيح الأخطاء والاستفادة من الدروس عامل مهم جداً.
وأشار إلى أن العدد الكبير للاعبين الأجانب في الفرق السعودية له دور كبير في ضعف الأداء الفني لعدد من اللاعبين في بعض المراكز في ظل عدم وجود الخبرة والاحتكاك والاعتماد شبه الكلي من قِبَل الفرق المحلية على اللاعبين الأجانب في غالبية المراكز، معتبراً أن تقليص عدد اللاعبين الأجانب إلى «4» فقط يمثل أهمية بالغة في الفترة المقبلة، من أجل منح مساحة أكبر للاعبين السعوديين في المشاركة والوجود في صفوف الفريق والاحتكاك أكثر لأن العوائد الإيجابية لذلك ستكون للمنتخبات الوطنية.
أما المدرب علي كميخ فشدد على أن المنتخب السعودي قدم الشيء الكثير من الإيجابيات والجهود التي لا يمكن التقليل منها، سواء من جانب اللاعبين أو الجهازين الفني والإداري، ولذا ليس من الصواب الحديث عن أن المشاركة كانت سلبية بالمجمل، بل إن الأداء كان ممتعاً من قبل المنتخب السعودي في الأولمبياد.
وبيّن أن المدرب سعد الشهري عمل وصنع منتخباً قدم أداء مميزاً، وكانت خياراته صائبة في جميع المراكز وحتى من حيث الأسماء الثلاثة فوق السن القانونية، حيث كان الجميع على قدر التطلعات، لكن التوفيق لم يكن حليف المنتخب في المباريات الثلاث.
وشدد على أن الفوارق كانت بسيطة جداً بين المنتخب السعودي وبقية المنتخبات في المجموعة، ولعبت الخبرة دوراً أكبر، حيث لا يمكن التقليل من وجود أسماء بارزة في المنتخبات تشارك في أقوى الدوريات الأوروبية، في وقت لا يوجد أي لاعب سعودي في أوروبا.
وأكد أن هناك أسماء أثبتت قدرتها على أن تكون في وضع أفضل في المستقبل، بداية من الحارس بخاري، ومروراً بعبد الإله العمري وسعود عبد الحميد وخليفة الدوسري وعبد الباسط هندي وبقية الأسماء التي يتوجب المحافظة عليها ودعمها بعيداً عن الميول، لأن الجميع يمثل هذا الوطن ويسعى للظهور بأفضل صورة.
وختم بالقول: «نقول للاعبين والجهازين الإداري والفني إنكم لم تقصروا، وقارعتم منتخبات تتقدم بخطوات من الخبرة على المنتخب السعودي، ولكن التوفيق لم يحالفكم».