أجواء الخمسينات تستعيد بريقها في القاهرة عبر معرض تشكيلي يشارك
القاهرة ـ مصر اليوم
«يا سلام على القاهرة في الخمسينات»؛ عبارة ما زالت تتردد عبر ألسنة الآباء والأجداد، في إشارة إلى روعة وجمال العاصمة المصرية في ذلك الوقت وما سبقه، وهي العبارة التي أرّخ لها بعض الرحّالة الأوروبيين، مؤكدين هذا البريق القاهري بقولهم: «إذا أردت أن تشاهد حداثة باريس وسحر فيينا وعراقة إسطنبول فاذهب إلى القاهرة».
متجاوزاً الزمان والمكان؛ يسافر بنا المعرض الفني «القاهرة 50»، عبر الزمن إلى حقبتي الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين، في رحلة هدفها ربط الماضي بالحاضر، وتعريف الأجيال الجديدة في مصر بطبيعة حياة أجدادهم في الماضي عبر الفنون التشكيلية، إذ يضم المعرض أعمالاً لـ45 فناناً وفنانة، استدعوا فيها مفردات من هذه السنوات، من خلال العودة إلى مخزون الذاكرة العامة أو ذاكرة الدراما، عازفين بها على أوتار الحنين لـ«الزمن الجميل».
المعرض تستضيفه قاعة صلاح طاهر في دار الأوبرا المصرية (وسط القاهرة) حتى نهاية الشهر الجاري، بتنظيم من أتيليه «مرسم فينسنت»، ويقول مُنظمه نشأت عبد المولى، لـ«الشرق الأوسط»: «معرض (القاهرة 50) هو امتداد لسلسة معارض هادفة إلى إحياء التراث المصري، واخترنا في هذا المعرض الفترة ما بين 1930 إلى 1950».
يتابع عبد المولى: «ما نؤكده من خلال المعرض أنّ لدينا موروثاً كبيراً، وحتى لا يندثر نحاول أن نعيد الجمهور للتراث، خصوصاً الأجيال الجديدة، فهذا دور الفنان التشكيلي في الربط بين الماضي والحاضر، وتوعية المتلقي عبر إعادة صياغة الرؤى والرموز الفنية لتكون ذات تأثير بصري، مما يعمل على إيجاد دور للمتلقي يسمح له باكتشاف قيمة هذه الرموز وجمالياتها، وبالتالي الوصول إلى درجة شديدة من التذوق والتواصل والارتباط مع الأعمال الفنية».
يحاكي فنانو المعرض هذه الفترة الزمنية من خلال صياغة مظاهر الحياة اليومية في مصر من عِمارة وملبس وعادات وتقاليد، فنجد العِمارة الخديوية بمنطقة وسط القاهرة حاضرة في أعمال العديد من الفنانين، حيث رسم المباني الكلاسيكية وإظهار جمال زخارفها، كما نجد حضور الملبس حيث إلغاء ارتداء الطربوش، أو وجود الملاءة اللف التي تميزت بها فتيات الحارات، وهو ما يرمز إلى التغير في الثقافة والنظام الاجتماعي والسياسي في حقبة الخمسينات عقب ثورة 1952.
فمن بين المُشاركات في المعرض، اختارت الفنانة إسراء عامر، أن تعبّر بثيمة الملبس عن هذه الحقبة، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «اخترت التعبير عن الماضي برسم والدي الذي كان يعمل في الأزهر الشريف، وكان زيه الدائم، العباءة والجلباب والعمامة، فأردت إعادة هذا المشهد الذي قلما نجده حالياً، بما يعبر عن البيئة المصرية والتوعية بالتراث، وقدمت ذلك بالقلم الرصاص ليتماشى مع فكرة المعرض».
أمّا الفنان عادل الليثي، فلجأ إلى لقطات قديمة ليعبر من خلالها عن فكرة الموالد الشعبية في مصر، مع إحياء الفنون الفلكلورية والموسيقية القديمة التي كانت تقدم بهذه الموالد، وتراجعت في العصر الحالي، وهو ما يزيد من الارتباط بالتراث. ويعبّر فنانون آخرون عن فكرة المعرض باللجوء إلى إبراز الزخارف على واجهات البيوت المصرية القديمة، أو المهن التي اندثرت، أو باللجوء إلى الأطفال الذين يلعبون في الشوارع والحارات، كما يلجأ آخرون إلى الخروج من القاهرة إلى مناطق جغرافية أخرى، فنرى كورنيش البحر في الإسكندرية من دون زحام، أو نرى بساطة الحياة الريفية وملامح حياة الفلاحين في القرية في ذلك الوقت.
فيما اختار الفنان محمد الأزهري أن يعبّر في لوحته الأولى في المعرض عن الإسكندرية، تحديداً منطقة محطة الرمل الشهيرة، يقول: «عشت 30 عاماً في الإسكندرية، وهذا المشهد الذي رسمته كنت أراه يومياً، حيث تصطفّ عربات الحنطور التي تقودها الخيول، ويتجول المصطافون في هدوء على الكورنيش، وهي المظاهر التي لم تعد توجد حالياً».
أما عن لوحته الثانية التي تعكس جمال الريف المصري، فيقول الأزهري: «اعتدت الذهاب إلى ريف محافظة الشرقية لمدة 4 سنوات، حيث الجمال الفطري قبل الحداثة والتمدن، وهي المشاهد التي خُزنت في ذاكرتي، وبدأت أخرجها على سطح اللوحات عندما بدأت أشعر أن هذا الجمال الفطري بدأ في التلاشي».
بينما تأتي مشاركة النحّات حسام حسين عبر تكوين من الحديد الخردة، عبارة عن نافذة تطل منها إحدى المصريات لشرب الماء من «قُلة» فخارية، وهو المشهد الذي كان مألوفاً في الحارات المصرية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
مكتبة الإسكندرية تنظم محاضرة بعنوان «حماية تاريخ العالم الغارق»
“لينا شاماميان” تغني في دار الأوبرا المصرية بعد ختام القاهرة السينمائي