قصّة الرسّام جون وليام جودوارد الذي انتحر بسبب بيكاسوا وترك
أمستردام- مصر اليوم
خلال القرن التاسع عشر، عانى عدد هام من الرسامين والملحنين والأدباء من اضطرابات نفسية رافقتهم أثناء فترات من مسيراتهم وجعلت كثيرا منهم يفكرون في وضع حد لحياتهم. ويتصدر قائمة مبدعي القرن التاسع عشر الذين واجهوا أزمات نفسية كل من الرسام الهولندي فنسنت فان غوخ (Vincent van Gogh) الذي وضع حدا لحياته أواخر شهر تموز/يوليو 1890، ولودفيغ فان بيتهوفن الذي فكّر لأكثر من مرة في الانتحار بسبب الاكتئاب، إضافة للملحن التشيكي بدرجيخ سميتنا (Bedřich Smetana) الذي نقل لمصحة عقلية بسبب تغير مفاجئ لسلوكه، والمفكر الألماني الشهير فريدريك نيتشه (Friedrich Nietzsche) الذي أذهل الجميع بتصرفاته الغريبة خلال السنوات الأخيرة من حياته.
إلى ذلك، شهد القرن العشرون عددا من حالات الانتحار في صفوف المبدعين الذين واجهوا مشاكل نفسية وظروفا صعبة. وإضافة للكاتب الأميركي إرنست همينغوي (Ernest Hemingway)، دوّن التاريخ اسم الرسام الإنجليزي جون وليام جودوارد (John William Godward) الذي ترك كلمات غريبة قبل أن يضع حدا لحياته عام 1922.حلم ومشاكل عائلية وقد ولد جون وليام جودوارد يوم 9 آب/أغسطس 1861 لعائلة ثرية بمنطقة ويمبلدون (Wimbledon) بإنجلترا حيث كان والده جون جودوارد (John Godward) مستثمرا ناجحا. ومستغلا ثروة عائلته، حظي المبدع جودوارد بتعليم جيد كما نال فرصة للالتحاق بمؤسسة والده إلا أنه رفض ذلك مفضلا ملاحقة حلمه بالرسم.
إلى ذلك، وقع جون وليام جودوارد في مشاكل عدة مع والده بسبب رغبته بأن يصبح رساما حيث رفض الأب طموحات وأحلام ابنه واعتبرها بلا قيمة فمارس عليه ضغوطا عديدة للتخلي عن حلمه والالتحاق بمؤسسة العائلة.
عام 1912، انتقل الرسام جودوارد للعيش بإيطاليا حاملا معه العديد من العيوب التي خلّفتها سياسة والده. فعلى حسب العديد من المصادر، تحوّل جون وليام جودوارد لشخص خجول يميل للعزلة كما اتجه لقطع علاقاته مع عائلته على إثر رحيله عن إنجلترا.
لوحات خالدة
وقد تتلمذ جودوارد على يد الرسام الإنجليزي الشهير لورنس ألما تديما (Lawrence Alma-Tadema) في خضم العهد الفيكتوري ليصبح واحدا من أشهر رسامي أواخر العصر الكلاسيكي الحديث المعروف أكثر باسم النيوكلاسيكية. وبلوحاته، رسم الفنان جودوارد بعناية فائقة ملامح العديد من نساء حضارات العصر الكلاسيكي القديم، كما أوكل عناية فائقة لإبراز الملامح الرومانية واليونانية للحياة برسوماته. وبمسيرته الفنية، قدّم الرسام جودوارد العديد من اللوحات الخالدة كانت أبرزها نيريسا (Nerissa) عام 1906 وأزهار الصيف (Summer Flowers) عام 1903 وصافو (Sappho) عام 1904 والشباب والوقت عام 1901 والمرآة عام 1899 ولوحتا الراهبة ما بين سنتي 1893 و1894.
انتحار وكلمات غريبة
مكث جودوارد حوالي 10 سنوات بإيطاليا قبل أن يعود مجددا لإنجلترا عقب معاناته من عزلة شديدة. إلى ذلك، شهدت تلك الفترة تخلي الجميع عن فن ولوحات جودوارد حيث أبدى الناس حينها اهتماما أكبر بالفن الحديث الذي كان الإسباني بابلو بيكاسو (Pablo Picasso) أحد أهم روّاده.مع فقدانه لمكانته لصالح بيكاسو أصيب جودوارد بالإكتئاب وقرر وضع حدّ لحياته. ويوم 13 كانون الأول/ديسمبر 1922، نفّذ الرسام الإنجليزي مخططه فانتحر تاركا رسالة أخيرة دوّن فيها عبارات “العالم ليس كبيرا بما يكفي ليتسع لي ولبيكاسو”.إلى ذلك، أحسّ أقرباء جودوارد بالخجل بسبب انتحاره. فعمدوا لإتلاف عدد كبير من وثائقه ولوحاته وصوره الشخصية ليختفي بذلك جانب هام من ذكريات هذا الرسام الإنجليزي الذي ألهم خلال فترة ما كثيرين بلوحاته
قد يهمك ايضا